(1)
طلب مني مرة عبر لقاء فضائي أن أدلي برأي حول فكرة الصوالين الأدبية في بلادنا، فقلت إنه لا اعتراض لي ولا تحفظ على هذه الفكرة لأنها تجسد بوجه عام ظاهرة صحية لتنشيط الحراك الأدبي، وذلك لأكثر من سبب:
- فهي منبر من لا منبر له.
- وهي متنفس لمبدعي الفكر بشرط أن ينأى به أصحابه عن القوالب الجامدة في المنهج، وأن يتجنبوا الغلو في الطرح أو التسطيح أو التبسيط المتكلف في العرض.
- وهي أخيراً.. أمر محمود كلما نأت مقاصده عن الوجاهة واقتناص الأضواء.. ولم تقيد حريتها ببيروقراطية التنظيم أو التأطير، مما قد يسطو على عفتها وعفويتها!
***
* بقي أن نتمنى من هذه اللقاءات والمنتديات الخاصة أن يقترن وجودها بالاستمرارية في الأداء، والتجديد في المضمون، والتنوع في الطرح. فالناس لا يصبرون على طعام واحد، وهي قليلة الفائدة كلما دنت من أحادية الجدل، ونأت عن ثقافة الحوار وأخلاقيات التعامل السوي مع الفكر الآخر.
***
(2)
* وسئلت في ذات اللقاء الفضائي عن موقفي إزاء الزوايا الصحفية التي تنتثر عبر أوعية إعلامنا المكتوب في طول البلاد وعرضها، فأجبت بأن الزوايا الصحفية.. تشبه بعض أطباق الطعام:
* منها ما تقبل عليه إقبالاً بلا تردد لعلمك أن ما تحويه لذيذ الطعم.. يسير الهضم.. غني بالفائدة!
* ومنها ما تبتعد عنه ابتعاداً، لظنك أن ما بها يفتقر إلى (ملاءمة) الطعم، ويُسر الهضم.. (وسُعْرِ) الفائدة!
***
* وهناك زوايا أخرى يتحكم في وجودها أحياناً النقل لا العقل، فمادتها مكرورة بلا توابل، (وسُعراتها) الفكرية مبالغ فيها إلى حد الزهد فيها، والقارئ اليوم يحبذ أن يقرأ مادة تحاكي همومه وهواجسه بأسلوب يشدُّ ولا يُنفرّ!
***
(3)
* وسألني سائل ذات مرة: ماذا تقول عن التشاؤم الذي يصيب المرء أحياناً، فيفقده قدرة التحكم فيما يريد وما لا يريد من أمور حياته، فقلت:
* التشاؤم هزيمة تئد الطموح، وهناك أكثر من وسيلة للتفوق عليه، أولها الإيمان بالله، ثم التسليم بأن (الفشل) درب من دروب النجاح، وأن النجاح قد لا يناله المرء إلا غلابا، وبالتالي، لابد من تجديد المحاولة مرة بعد أخرى، لبلوغ الغاية المرادة، شريطة أن يقترن التجديد بتقويم الخطوة السابقة كيلا يتكرر الخطأ فيصطدم المرء بحاجز اليأس والعياذ بالله.
***
(4)
* وسألني آخر ذات يوم عن رؤيتي للحياة، وبِمَ أنصح أترابي ومن هم دوني سناً، فقلت:
* الحياة عندي صراط يربط الميلاد بالمعاد، وما بين ذلك.. حزمة من الإيمان بالله والعمل لإرضائه، ثم الحب والحظ والاجتهاد والتفاؤل والتسامح وفعل الخير وتجنب ضده من الظن والقول والعمل! فمن كان هذا سبيله، ظفر بسعادة الدنيا، وحُسن المعاد بإذن الله، وأنا لست سوى ذرة في إعصار هذه الأرض، أطمع في سلوك ذلك السبيل، بما مضى لي من عُمر، وما بقي لي منه!