حقيقة لم أتشرف إلى الآن برؤية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي عهدنا الأمين -حفظه الله ورعاه- عن قُرب، ولم تتح لي الفرصة أن أسمعه يتحدث أو يضحك بشكل مباشر بالرغم من أنني أعرف عن مآثره الكبيرة الشيء الكثير، بل سمعت كثيراً عن مواقفه الإنسانية والأبوية مع أبنائه المواطنين وغيرهم وبالطبع سمعت عن كرمه الحاتمي وقلبه الكبير وعواطفه النبيلة ومسارعته إلى مد يد العون لكل محتاج وكنت أفخر بأنني أنتمي إلى وطن عظيم فيه مثل هذا الرجل العظيم وإخوانه الكرام حفظهم الله، والذين يتسابقون دوماً إلى عمل الخير، أقول إنني لم أحظ يوماً برؤية هذا الصرح الإنساني الشامخ الذي يمشي على الأرض، ولكنني بالأمس وأنا أشاهد إحدى القنوات الفضائية رأيته وسمعته يتحدث إلى طفل سعودي من ذوي الاحتياجات الخاصة وكان يرافق المشهد الرائع أغنية جميلة تتحدث عن سلطان أعتقد أنها من كلمات الشاعر الرائع حمد الأسعدي ثم أعقبتها قصيدة رائعة للصديق الشاعر محمد مخلد الذيابي بصوته المميز وإلقائه العذب ليكتمل المشهد الأبوي لرجل يتدفق حناناً ويفيض عاطفة ويزهر عفوية غير متكلفة وهو يحمل أحد أطفال الوطن ويتحدث معه هكذا بكل براءة وصدق إذ قال حفظه الله للطفل: أطلب ماذا تريد، فقال الطفل أريد (مسبحة) فقال له سلطان بل أنا سأعطيك سيارة كبيرة (تشيلك أنت وأبوك وأمك) ولكن من يسوقها؟! قال سلطان؟! فقال له الطفل على الفور. أنت تسوقها، فما كان من الأمير الرائع إلاّ أن أشر على أنفه وقال أبشر أنا أسوقها، بالطبع لا يمكن لأي أحد أن يتصور أن هذا السيناريو الأبوي قد تم إعداده مسبقاً ليظهر للناس وذلك لأن العفوية الأبوية على لسان ولي العهد (الأب) تقابلها تلقائية وبراءة على لسان الطفل (الابن) بحيث إنه لا يمكن لأي مخرج ماهر أو سيناريست متمكن أن (يصنع) مثل هذا الحوار الذي كان يخرج من القلب للقلب بين أب وابنه وبين المواطن وقائده. |
وبالرغم من أن ذلك ليس بغريب على سلطان إلا أنه يذكرنا من جانب آخر ببساطة وتلقائية شقيقه الأكبر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله أيضاً، أي أنني أريد القول إن هذه اللقطة التلفزيونية المعبرة تجسّد فعلاً حميمية الودّ بين هذه الأسرة الكريمة وشعبها النبيل ومدى الانصهار الفعلي بين الحاكم والمحكوم. |
وهي لقطة أتحدى أن يجسدها حاكم عربي (كما هي) بل أتحدى أن يجسدها أي حاكم في العالم مهما بلغت أجهزته الإعلامية من الكفاءة واصطناع المواقف، الأمر الذي يجعلني هنا ألفت انتباه الأخوة في القناة السعودية الأولى إلى ضرورة بث وتكرار وإعادة هذا المشهد الرائع ليتعلم (بعض حكام) العرب وكذلك المواطن العربي الحزين والمُبتلى بالقادة المتجهمين كيف تكون العلاقة الأبوية الحقة بين المواطن والمسؤول. فكيف إذا كان هذا المسؤول في قمة الهرم القيادي في بلاده. |
|
يبقى القول أخيرا إنني وإزاء هذا المشهد النادر الذي ينقل لنا ابتسامة سلطان المشرقة لم أكتب هذا الانطباع الشخصي المحض لغاية أو هدف سوى نقل الحقيقة التي أضاءت في القلب جذوه الشاعرية بحيث رحت أردد معها أغنية جميلة لا تبارح ذهني هذه الأيام وهي من كلمات أحد أبناء هذه الأسرة الكريمة وهو سمو الأمير فيصل بن سلطان آل سعود يقول مطلعها: |
ليا منّه ضحك سلطان |
خذاني للشعر نسناس |
سقى الله روضة أحبابٍ |
غشاها سيل غيماته |
|