أسندت إلى وزارة الأشغال العامة والإسكان في السابق (وزارة البلدية والقروية في الوقت الحاضر)، مهام بناء الإسكان العام والعاجل، وانحصر على بناء المجمعات السكنية في المدن الرئيسة، يليها الإسكان التعاوني والخيري والميسّر وغيرها من البرامج الأخرى، إلى أن صدر الأمر الملكي في 1424هـ بتنظيم إداري جديد، حيث نُقلت مهمة الإسكان الحكومي إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط لوضع الإستراتيجية الوطنية للإسكان، وإيجاد قاعدة معلومات لجميع شرائح المجتمع والنظر إلى احتياجاتهم السكنية. بينما أوكلت مهمة الإسكان إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، ثم جاء القرار بنقلها إلى الهيئة العامة للإسكان، بعد موافقة مجلس الوزراء، وحُدِّد هدفها الأساسي بتوفير المسكن المناسب وفقاً للخيارات الملائمة لاحتياجات المواطنين، وذلك ضمن برامج تضعها الهيئة لهذا الغرض.
وكان واضحاً من إنشاء الهيئة لإيجاد بعض الحلول المناسبة لتوفير المسكن الملائم ليلبي احتياجات المواطنين. فلا شك أنّ الهيئة يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة تمس المواطن بشكل مباشر، فعليها الاستفادة من التجارب السابقة للجهات الحكومية والمؤسسات والجامعات والقطاع الخاص في بناء المجمعات الإسكانية. فقد قامت الوزارات ببناء العديد من المباني لمنسوبيها، كما أنّ الهيئة الملكية للجبيل وينبع وشركة سابك لديهما تجارب امتدت إلى ثلاثة عقود، إضافة إلى الخبرات التي تمتلكها شركة أرامكو السعودية بالأساليب والتقنيات الحديثة وطرق البناء إلى الإصدارات مثل (نصائح بشأن إنشاء المنزل والتوفير في التكلفة). فعلى الهيئة البدء من حيث انتهى الآخرون، والبحث عن طرق ووسائل جديدة والاستعانة بالمختصين في الجامعات والتنسيق مع المكاتب الاستشارية الهندسية لإعداد التصاميم المناسبة للمسكن ليلبي احتياجات البيئة المعمارية المحلية، والتأكد من سلامته إنشائياً، مع الحرص على تخفيض تكلفة التشييد، وتطبيق كود البناء السعودي.
ووفقاً لآخر إحصائية لعام 1425هـ (2004م)، بلغ عدد سكان المملكة من السعوديين حوالي 16.53 مليون، وإذا استمرت نسبة النمو السكاني على الوضع الحالي، فإنّ عدد سكان المملكة سيصل إلى حوالي 45 مليون نسمة بحلول 2040م حسب إحصائيات الأمم المتحدة، مما سيزيد الطلب على المسكن بشكل كبير. وبما أنّ المملكة تعيش مرحلة استقرار وازدهار وأمن، مع توفر جميع الإمكانيات المادية والمعنوية اللازمة، فإنّ توفير المسكن الملائم أصبح هاجس القيادة وهَمّ المواطن، ويعتبر من أهم الأسس في بناء الأسرة المستقرة. وبشكل عام يتلخص الحصول على المسكن في المملكة إلى أربعة أمور أساسية أهمها:
1- توفر الأرض.
2- اختيار التصميم المناسب.
3- البحث عن وسيلة لتمويله.
4- التشييد بمواصفات جيدة مع الحفاظ على تخفيض التكلفة.
ويمكن التطرق إلى الفقرتين الثانية والرابعة اللتين ترتبطان بالتخصص المعماري والهندسي، باقتراح بعض الحلول للمساهمة بوضع آلية لتوفير المسكن المناسب للمواطن، عن طريق استخدام أنظمة المباني الجاهزة، منها مباني الخرسانة المسبقة الصّنع (الخرسانة سابقة الصب) التي لديها ميزات كثيرة على سبيل المثال لا الحصر:
1- الإنجاز السريع والسيطرة على المكونات وخط الإنتاج في المصنع للوصول إلى الجودة العالية.
2- سهولة وسرعة التركيب في الموقع وتقليص تكاليف التشطيبات.
3- تختصر الوقت لأعمال التمديدات الكهربائية والصحية والتكييف بشكل عام.
4- تمتاز بالعزل الحراري الجيد للحوائط والأسقف وتتأثر قليلاً بالأحوال المناخية الخارجية.
5- انخفاض التكلفة الإجمالية في المشاريع المتكررة كالإسكان.
6- المقاومة القوية للأحمال وجودتها تفوق المصبوبة في الموقع بسبب السيطرة على مواد البناء والبيئة.
ولا شك أنّ هذه المباني لها بعض السلبيات تتلخص فيما يلي:
1- التكاليف العالية في حالة عدم تكرار مقاسات العناصر المصبوبة بسبب تكاليف قوالب الصب.
2- محدودية المرونة في بعض الحالات خاصة في الداخل.
3- صعوبة نقل العينات ذات المقاسات الطويلة.
وبناءً على أعداد أفراد الأسرة، يتضمّن الاقتراح على تصميم ثلاثة نماذج أو أكثر للمباني الخرسانة المسبقة الصّنع بجدران حاملة لتلبي احتياجات بيئة المملكة وتطوير الأنظمة من الناحية المعمارية والإنشائية والتمديدات الإلكتروميكانيكية، وتعتمد من الهيئة، على أن يساهم القطاع الخاص أصحاب شركات الخرسانة المسبقة الصنع في تبنِّي هذه النماذج الجاهزة التي تتيح للمواطن اختيار النموذج الملائم للمسكن وبأسعار مناسبة. وأخيراً نحتاج إلى وعي متجدد وتطوير ثقافة المجتمع تقبل مسكن الخرسانة المسبقة الصّنع، عن طريق وسائل الإعلام وتدريب القائمين على العمل بأحدث الطرق الفنية والإدارية والتسويق المستمر لنتطلع إلى مستقبل زاهر للوطن وتلبية احتياجات المواطن - إن شاء الله - برؤية متفائلة.
المشرف العام على إدارة المدينة الجامعية بالدمام - جامعة الملك فيصل
mnjadid@yahoo.com