ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة إلى هذه المستويات القياسية ليس بسبب آلية العرض والطلب كما يقول المتخصصون، حتى يكون ضخ مزيد من النفط -زيادة العرض- حلاً مساعداً للسيطرة على زيادة الأسعار، وإنما لعدة أسباب أخرى، يأتي على رأسها:
1 - المضاربات في عقود النفط الآجلة.
2 - نقص الطاقة التكريرية في المصافي في الدول المستهلكة.
3 - ضعف الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى.
وبالتالي فإن ارتفاع هذه الأسعار لا يسأل عنه هذه المرة المنتجون كما كان الأمر في السابق، بقدر ما يسأل عنه المستهلكون أنفسهم، وعلى وجه الخصوص المضاربون على هذه السلعة الاستراتيجية في أسواق المال الرئيسية في العالم.
وحسب جريدة الحياة اللندنية يقول رئيس (كامبريدج أسوشييتس) دانيال بيرجن -الذي يعتبر أحد أشهر المؤرخين لصناعة النفط العالمية-: (الديناميات القديمة المعتمدة على توازن العرض والطلب ما زالت مؤثرة، إلا أن القوى التي رفعت أسعار النفط إلى مستوياتها القياسية الحالية تأتي من المضاربة في أسواق السلع ونفقات صناعة النفط إذ أصبح انخفاض الطلب على الدولار يوازي عامل ارتفاع الطلب على النفط في تقرير اتجاه أسعار الخام).
وهناك من يرى أن برميل النفط تتم المضاربة عليه لأكثر من 12 مرة كمعدل قبل أن يصل إلى المستهلك النهائي، الأمر الذي دفع بهذه الأسعار إلى هذه المستويات.
والسؤال: هل أسعار النفط في البورصات العالمية هي (فقاعة) ستنفجر مثلما انفجرت فقاعات أخرى مماثلة؟. في معجم (نيو بالجريف) للاقتصاد تعرف الفقاعة بأنها: (أسعار الأصول والموجودات التي تتجاوز قيمتها الحقيقية، بسبب اعتقاد مالكيها الحاليين أن بإمكانهم إعادة بيعها بسعر أكبر من ذلك). وفي تقديري أن أسعار هذه السلعة الآن هي بمثابة (الفقاعة) حيث إن سعرها لا تحدده آلية العرض والطلب، وإنما المضاربات، وشح التكرير، وانخفاض سعر الدولار أمام العملات الأخرى.
وبالتالي فإن انحسار تأثير هذه العوامل سيؤدي تلقائياً إلى انخفاض حاد ومفاجئ خصوصاً إذا ما أخذنا العوامل النفسية في الاعتبار.
فعلى سبيل المثال فإن صندوق التقاعد التابع لنظام تقاعد المستخدمين العام في كاليفورنيا -وهو الأكبر من نوعه في الولايات المتحدة الأمريكية- وضع أكثر من 3 في المائة من محفظته البالغة قيمتها 240 مليون دولار في أسواق السلع. هؤلاء المضاربون يدخلون السوق لأسباب مؤقتة، وسرعان ما يخرجون منها بمجرد أن تتحسن أوضاع الاستثمار في المجالات الاستثمارية الأخرى، الأمر الذي سيؤدي بهذه الأسعار إلى الانخفاض الحاد، لتصبح أي زيادة في (المعروض) - أمام عدم وجود مشترين جدد- من شأنها أن تسقط أسعار النفط إلى مستويات متدنية في المستقبل القريب.
وهذا بالتحديد ما سوف يحاول شرحه السعوديون وبقية أعضاء أوبك في المؤتمر الذي سيقام هذا اليوم الأحد في مدينة جدة بين كبار منتجي النفط وكبار مستهلكيه.
النقطة الأهم أن نكون حذرين وحصيفين جداً في التعامل مع الأسعار الحالية، والتعامل مع عوائد هذه الظاهرة المالية على أنها (فقاعة) لا يمكن الاعتماد عليها في التوسع في الالتزامات المستقبلية للإنفاق.