لو قدر لأحد منكم المرور بجانب إحدى المدارس الثانوية ليلاً في هذه الأيام فسيشاهد سيارات المعلمين مصطفة وكأنهم في صباح أحد أيام الدوام العادية، ولو قادك حب الاستطلاع إلى الذهاب إلى إحدى المدارس الابتدائية في صباح أحد أيام الدوام العادية لتخيّلت أن الإجازة قد بدأت فعلاً .
فقلما تجد أحداً بعد التاسعة أو العاشرة صباحاً - في أحسن الأحوال -، بالطبع أنا أتحدث عن هذه الأيام أيام الاختبارات النهائية. والحديث ليس مقصوراً على منطقة دون غيرها، والسبب يعود طبعاً إلى طبيعة عمل معلم الثانويات. حيث يقضي وقتاً طويلاً في التصحيح والرصد والمراجعة، وربما يُكلف أيضاً بالتدريس في نظام الليلي والمنازل، ولو سألت ما هي الميزة التي تمنح له مقابل ساعات الدوام الإضافية هذه؟ لفوجئت إنه لا شيء يميزه عن زميله معلم الابتدائي إلا الضغط والإرهاق ناهيك عن طبيعة المرحلة وما تحلها من توتر وترقب لمعلم الثانوي والذي يعمل أيام الدراسة العادية على كف عفريت، فالأنظمة لم تعد مثل السابق، والطلاب كذلك، وهذا ما انعكس فعلاً على جودة الأداء، وعلى إخلاص المعلمين، فلو خيرت تلميذ الأول الابتدائي ماذا تريد أن تفعل؟ هل ستدرس مرحلة عمرية خطرة وحساسة أو تدرس مرحلة عمرية مناسبة مثل الابتدائي والمتوسط. والراتب هو هو في المرحلتين، وساعات الدوام في الثانوية أكثر، والمواد أكثر، والجهد أكثر، والخطر أكثر؟!
أنا متأكد أن هذا التلميذ سيضحك على سخف السؤال، فالإجابة لا تخطئ غير العاقل، فما بالكم بمعلم على قدر من العلم والعقل، وهذا ما يفسر العزوف الحاصل عندنا في تدريس الثانويات، فمعظم حملة البكالوريوس الجامعيين الآن يدرسون في الابتدائي والتعيس منهم في المتوسط.
فلماذا تُوجد وزارة التربية والتعليم مثل هذه الطبقية بين المعلمين - إن صحت التسمية -؟
وأين ذهبت تلك الدراسات التي نسمع عنها والتي تميز معلم الثانوي عن غيره من المعلمين؟!
أما قرارات وزارة التربية والتي دائما ما تؤكد أن الأفضلية لمعلمي الثانوي في الإيفاد للتدريس في الخارج، وفي الترشيحات الإدارية الأخرى فيبدو أنها قرارات صيغت في شهر إبريل الشهير!!
يا وزارة التربية والتعليم: أنصفوا معلم المرحلة الثانوية، فهو في ظل لائحة السلوك الجديدة وفي ظل ضغط العمل الحالي أصبح عزيز قوم ذل!
Mk4004@hotmail.com