العرض الذي تقدمت به الدول الغربية لإيران مقابل توقفها عن تخصيب اليورانيوم قد يعتبر في إطار التفاوض والأخذ والرد بين الدول في فضاءاتها السياسية والدولية, إلا أن ما ترشح من أنباء حول أن هذه العروض تتضمن إعطاء إيران دوراً إقليماً في المنطقة، فذاك ما يعد أمراً لافتاً للنظر, حيث إن لسان الواقع يقول إن دولة إيران التي تمر بمرحلة فورة إقليمية قد أخذت علاقاتها تتشعب وتمتد إلى كثير من الدول المجاورة وتضرب في عمق واقعها الداخلي، ولعل في العراق خير دليل على ذلك.

من حق الإيرانيين والغربيين أن يعقدوا الصفقات التي يرون بها تحقيقاً لمصلحتهم الخاصة التي توصلهم إلى نصف الطريق لتحقيق وجهات نظر مشتركة، ولكن أن يكون ذلك مقابل ازدياد وتضخم الدور الإيراني في المنطقة، فذاك ما يعد خروجاً على بدهيات الواقع وإضراراً باستقرار المنطقة, فإحداث خلل بالتوازنات الحالية في منطقة الخليج والمحيط الإقليمي بشكل عام لن يكون لها إلا مزيد من الإرهاصات السلبية ذات الأثر الرجعي على أمن واستقرار المنطقة ومصالح الكثير من الأطراف المعنية.

من حق الإيرانيين أن يصادموا العالم أجمع وأن يرسموا سياستهم الخارجية بأجنداتهم الخاصة أيضاً، ولكن المرجو أن لا تكون تلك السياسات ذات ضرر على أمن الخليج وثرواته، فالأيام الخوالي التي مرَّت على الخليج العربي وما حدث بها من حروب اضطرابات كانت كافية لتأخير مشروعات التنمية المستدامة وعرقلة خطط المستقبل التي اجهضتها مغامرات المراهقة السياسية وطموحات جاهلي الحسابات الدولية, وهو الأمر الذي لا نتمنى أن يحدث من جديد سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق صفقات ما تحت الطاولة التي كلما عقدت بين الأطراف المعنية استخدم بها استقرار المنطقة وأمن الشعوب كأوراق ضغط وأدوات تفاوض بأيدي من باتوا يجيدون ذلك.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244