تقرير- عبدالله البراك
يُعد ملف أسعار النفط هو الملف الساخن الذي تتجاذبه الدول المنتجة والمستهلكة والجهات والمنظمات المهتمة بالقضية مؤخراً ورغم الجدل الواسع حول المتسبب في ما يحدث لبرميل النفط من قفزات عالية يحاول كل طرف أن يلقي بالمسؤولية على الطرف الآخر مدعوماً بمبررات مختلفة، ويري خبراء بأن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بدعوة المنتجين والمستهلكين على طاولة حوار واحدة ربما تمثل حلاً للجدل الدائر حول أزمة النفط والأسعار.
سنحاول قراءة الملف النفطي استناداً إلى الواقع فقد أظهرت التقارير الجيولوجية والاقتصادية العالمية ومحاضر جلسات لجنة الطاقة في مجلس الشيوخ الأمريكي الصادرة في بداية العام أن أحد أهم المتسببين بأزمة ارتفاع الأسعار العالمية للنفط والتي لم يتطرق لها كثيراً هي الولايات المتحدة الأمريكية حيث إنها مارست أسلوبين لرفع الأسعار فكان الأسلوب الأول يقوم على قاعدة اقتصادية وهي الندرة حيث إن تخفيض العرض وزيادة الطلب كفيلة برفع الأسعار والأسلوب الآخر هو تخفيض أسعار الفائدة عند ظهور بوادر الركود الاقتصادي الأمريكي الأمر الذي زاد من الضغوط التضخمية وكان له دور في تخفيض سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرى مما زاد الطلب على النفط الذي انعكس في ارتفاع آخر في أسعاره.
الرأي العام العالمي
والكونغرس .... والأزمة
من اليسير الجزم بأنّ تقارير لجنة الطاقة الأمريكية في الكونجرس تتحيز إلى تحميل أوبك المسؤولية وبدورها فإن أوبك تحمل المضاربات في السوق سبب ارتفاع الأسعار غير أنه يتضح للمتابع أن كلا الجهتين تحاول أن تلقي بالمسؤولية بعيداً عنها، إذا نظرنا في التقارير الجيولوجية نكتشف أن الولايات المتحدة كانت الرائدة في إنتاج النفط عام 1996 ميلادية ولكنها خفضت الإنتاج ليصل إلى أدنى مستوياته على مدى الخمسين سنة الماضية ففي الولايات المتحدة 51000 بئر يصل إنتاجها إلى 4.86 مليون برميل يوميا وحاصل قسمة عدد براميل النفط المنتجة على عدد الآبار نجد أن متوسط إنتاج البئر الواحد لا يصل إلى 95 برميل يومياً وهو رقم هزيل جداً إذا ما قورن بحجم الإنتاج في الدول المنتجة للنفط أو بحجم استهلاك الولايات المتحدة ذاتها و التي تستهلك من النفط الخام ما يعادل 21 مليون برميل يومياً، أي ما يفوق استهلاك الصين والهند وروسيا و ألمانيا مجتمعة.
وبحسب بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي يجب أن تهدد اوبك برفع الحصانة عنها ومحاكمة الدول المنتجة لأنها تتلاعب بأسعار النفط ولا تحاول أن تزيد إنتاجها لتسد احتياجات الأسواق العالمية.
وهنا يتبادر إلى الأذهان احتمالان:
الأول: أن بعض أعضاء الكونغرس لا يعلم شيئاً عن سياسة حكومته وجلسات بعض لجان الكونغرس والتي كانت تعقد منذ ثماني سنوات للبحث عن حلول لهذه الأزمة التي كانت متوقعة لأسعار النفط!
الثاني: أن الكونغرس يعلم أن المتسبب بهذه الأزمة هي حكومته ويحاول أن يلقي باللوم على الدول المنتجة في منظمة أوبك استغلالاً للرأي العام الأمريكي والعالمي المضاد للمنظمة لتأجيج الرأي العام ضدها!
ومن خلال متابعة محاضر الجلسات نجد أنه في جلسة السادس والعشرين من فبراير الماضي تحدث رئيس لجنة الطاقة السيناتور بنجامن عن قلقه من سياسية الدولة مع المخزون الاستراتيجي وحقوق الامتياز ومعالجتها للموقف السياسي مع احتمال وقف الإنتاج من فنزويلا، وذكر أيضا أن الطلب على زيادة المخزون سيزيد من الطلب على النفط مما يتسبب بمزيد من الارتفاع في الأسعار و أنه غير مناسب في الوقت الراهن.
وقال إن سياسة الإدارة الأمريكية متجهة في اتجاه معاكس لاتجاهات المنطق والكونغرس يوصي بالتروي في هذه المسألة حيث إنها تحتاج إلى نقاش وإعادة تفكير فزيادة الطلب تعني المزيد من الارتفاع في الأسعار.
أما في جلسة الرابع من مارس من العام 2008 فقال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي وعضو لجنة الطاقة والموارد الطبيعيية السيناتور بيت دومنسي في تلك الجلسة التي أجريت حول مناقشة موارد الطاقة الجديدة واللائقة بيئياً لتعزيز التكنولوجيا النظيفة مثل الوقود البيولوجي أنه تم الاستماع إلى تقييم الأثر البيئي وتوقعات عن الطاقة للعام 2008، حيث قال مدير غاي كاروسو ان الواردات الصافية من النفط الخام والمنتجات المكررة في عام 2030 يتوقع أن تكون حوالي 2.4 مليون برميل في اليوم أقل مما كان متوقعاً.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الحصة الإجمالية المستوردة للنفط والمنتجات المكررة ستنخفض من 60% في عام 2006 إلى 51% في 2022، نتيجة مباشرة للاستثمار في مجال الطاقة وقانون الأمن من عام 2007.
وقال السيناتور بيت دومنسي: (للمرة الأولى في التاريخ يبدو اننا أحرزنا تقدماً في الحد من اعتمادنا على النفط الأجنبي. وأهدافنا حسب التوقعات أنها واضحة كما أنها ليست كافية، وهناك العديد من الأشياء الإضافية ينبغي أن نفعلها لضمان أمن الطاقة لدينا).
وتابع دعوته إلى حل شامل وتبني ثلاثة طرق متدرجة لمعالجة تحديات الطاقة، التي وضعت للمرة الأولى في سلسلة من الخطب على مجلس الشيوخ في الأسبوع السابق للجلسة.
وهي المبادرات التي تدعو إلى زيادة الإنتاج من الموارد المحلية؛ تسريع البحث والتطوير، ونشر المصادر البديله للطاقة المتجددة، وتعزيز القدرة على الحفاظ على الطاقة.
وقال إن تقييم الأثر البيئي جاوز قدراً كبيراً من السياسة الداخلية للنفط في خليج المكسيك والتي اتاحت المزيد من الإنتاج خلال عامين فقط فهناك درس يمكن تعلمه من ذلك وهو أن أسعار الطاقة المرتفعة تجبرنا عن البحث عن المزيد من الموارد التي يمكن استخدامها وخفض الاعتماد على النفط الأجنبي وهذا الحديث يتضح منه تحميل الإدارة الأمريكية لمسؤولية تعطيل البحث والتنقيب والبحث عن موارد الطاقة البديلة.
جلسة الثاني من أبريل الماضي
وفيها تم تحديد موعد الثالث من ابريل الماضي لمناقشة عدة نقاط أهمها التعمق في مسألة حار فيها الكونغرس لأكثر من سنة والنقاط هي كيف أن المضاربات المالية في أسواق الطاقة هي التي تسهم في ارتفاع أسعار النفط.
على وجه التحديد، وستدرس اللجنة دور المنظمات غير التجارية، والمؤسسات الاستثمارية في تحديد أسعار النفط الخام.
وطلب مناقشة الارتفاعات الحاصلة في أسعار النفط والذي أصبح سلوك تداوله مشابها للسلع الأولية و اصبح برميل النفط ورقة مالية تعتبر من افضل الأصول المالية. ومن هنا يتم البحث عن الحل والوصول إلى معرفة مدى تناسق الأسواق. وخلصت الجلسة إلى أن هناك اعترافاً وتأكيداً واسع النطاق على أن آلية العرض والطلب العالمي تشرح الكثير من حركة الأسعار النفطية الحالية.
وإضافة إلى هذه العوامل كان هناك عدد من التطورات الهامة في الأسواق المالية من زيادة هائلة في تجارة العقود المشتقة ودخول طبقة جديدة من التجار وهذا ما يثير الأسئلة حول درجة التنظيم والرقابة المطبقة على اسواق النفط.
وطالب رئيس اللجنة بتكوين فريق من ست شهود يمثلون كبرى الشركات النفطية الامريكية ويتم بحث هذا الموضوع خلال الجلسة التالية.
جلسة الثالث من ابريل الماضي
(وهي جلسة استماع للشهود الستة) افتتح الجلسة السيناتور بينجامن وشكر الشهود على حضورهم وشرح أن الجلسة لقضية يناقشها الكونغرس لعدة سنوات وهي أنه كيف أسهمت المضاربات في الأسواق المالية واسواق الطاقة خاصة في تحديد أسعار النفط وقال إن هناك اعتراف واسع النطاق من أن أساسيات العرض والطلب هي من يشرح أسعار النفط الحالية وأضاف أن زيادة الطلب على النفط في الاقتصادات النامية مثل الصين والهند أسهمت في رفع الأسعار، وأشار إلى أن شهادة الدول المنتجة للنفط بنجاح السياسة الأمريكية بإدارة المخزون الاستراتيجي والمخزون العالمي مع انخفاض المخزون التجاري العالمي يوضح كيف أن ضيق السوق يزيد من الضغط على الأسعار للارتفاع.
وقال السيناتور بينجامين: (في الوقت نفسه نرى تكرر وعلى نطاق صغير انقطاع امدادات النفط، مثل التي كانت في الأسبوع الماضي وشملت تخريب البنية التحتية للطاقة في العراق، والإكوادور، ونيجيريا وجميعها اعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
كما ان لدينا سياسة الإدارة الأمريكية والمضللة لملء المخزون الاستراتيجي للنفط والتي تزيد من طلب النفط من السوق فتزيد الاضطرابات على نطاق صغير. ومن الواضح أن هذه العوامل الأساسية كلها مسائل هامة.
وكما سمعنا من الشهر الماضي غي كاروسو، ومدير إدارة معلومات الطاقة، وهذه أساسيات السوق ويمكن ان تشرح أسباب الوصول إلى الـ90 دولاراً من السعر الحالي للبرميل.
وبالأضافة إلى هذه العوامل، كان هناك عدد من التطورات الهامة في الأسواق المالية في السنوات الأخيرة. وتشمل هذه الزيادة الهائلة في حجم تجارة النفط في الأسواق المشتقة، ومشاركة طبقات جديدة من التجار في تلك الأسواق.
وهذا الاتجاه التاريخي الذي تفاقم بسبب ضعف الدولار، والذي يشجع المستثمرين غير التجاريين إلى السعي للاستثمار في السلع الأساسية للحماية من مخاطر التضخم.
ووفقا لتقرير (غاو) الصادر في الخريف الماضي، بلغ المتوسط اليومي لحجم العقود المتداولة على النفط الخام في نيويورك تبادل تجاري (نايمكس) بمقدار 90% بين عامي 2001 و2006. بالإضافة إلى ذلك، لاحظ غاو أن المتوسط اليومي لعدد من المشاركين في تجارة أسواق النفط الخام العالمية بما فيها الصناديق التحوطية والمؤسسات الاستثمارية الكبيرة قد ارتفع بأكثر من الضعف في الفترة من 2003 إلى 2006. ويبدو أنه مثلما زاد الطلب الحقيقي على النفط مع الاقتصاد العالمي، زاد الطلب على النفط بوصفها من الأصول المالية.
وقال بنجامين: في رأيي ان كشف هذه المسائل هو اكثر صعوبة مع عدم وجود بيانات شاملة وموثوق بها عبر هذه الأسواق. فيما يتعلق في اساسيات السوق، فهذا افتقار واضح للمعلومات الموثوق بها فيما يتعلق بالاحتياطي العالمي للنفط. أما بالنسبة للتجارة في النفط وغيره من المشتقات ذات الصلة بالطاقة، فما زالت تعاني من غياب الشفافية في الأسواق المالية. وتابع: (يبدو لي أن أفضل الأسواق تعمل على أساس معلومات كاملة وموثوق بها).
ومع غياب مثل هذه المعلومات فإن احتمال زيادة الأسعار في السوق أصبحت غير واضحة وبالإضافة إلى ذلك أعتقد أنه من المهم أيضا بالنسبة لنا أن نتفهم بشكل افضل أن اسواق السلع والطاقة اصبحت مالية بحتة وجذابة للاستثمار بسبب حالة الاقتصاد الأمريكي).
ويتضح من مقولة السيناتور انها تدور حول ما إذا كانت الأسواق وحالة الاقتصاد الأمريكي هي السبب في ارتفاع أسعار النفط جلسة الثاني من مايو الماضي للسيناتور بينجامن بعنوان (الحديث الصحيح عن أسعار الطاقة) وفي هذه الجلسة حمل رئيس لجنة الطاقة السيناتور بينجامن إدارة بوش المسؤلية ورد على لوم الرئيس ومن ثم بدأ في تفنيد اتهامات الرئيس للكونغرس ويشرح أسباب ارتفاع الأسعار فالرئيس الأمريكي اتهم الكونغرس بأنه هو المسؤول عن حالة الأسعار الحالية لأسباب ثلاثة: لمنع الشركات النفطية من التنقيب عن النفط والغاز في الولايات المتحدة ولعرقلة الجهود الرامية إلى بناء المزيد من معامل التكرير في الولايات المتحدة ولوقف زيادة قدرة الولايات المتحدة النووية لإنتاج الكهرباء.
وكان رد الكونغرس مطولا أهم ما جاء فيه أن سياسة الطاقة لا ينبغي أن تكون مسألة حزبية ثانياً أن اتهام الرئيس للكونغرس ببساطة أمر خاطئ.
وانتقل السيناتور بينجامن إلى مسألة التنقيب والإنتاج، فقال أن الكونغرس قد اتخذ خطوات هامة على أساس حزبي بين الطائفتين لتعزيز الإنتاج المحلي من النفط والغاز.
من خلال سن قانون امن الطاقة وخليج المكسيك عام 2006، فقد تم إتاحة ما يقدر ب4.74 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي و1.26 مليار برميل من النفط قبالة فلوريدا.
ومن المفارقات أن الكونغرس اضطر إلى إصدار هذا القانون بسبب الخطوات التي اتخذتها إدارة الرئيس جورج بوش في السنة الأولى في منصبه في عام 2001 وكان هذا الإجراء لا يعزز إنتاج النفط والغاز. فالواقع أن مناطق واسعة في الوقت الحالي ممنوعة من تطوير انتاج النفط والغاز والرئاسة يمكن ان تتخذ الخطوة الأولى نحو جعل هذه الموارد المتاحة في أي وقت. فالقطب الشمالي هو المخزن وهناك مسألة اخرى اثيرت من قبل الرئيس وكنه لم يذكر أن الحفر في هذا المخزن لن يفعل شيئا للتصدي لارتفاع أسعار البنزين.
وإذا فتح باب التنمية النفطية سيأتي من اللجوء إلى القطب الشمالي لمدة 10 سنوات علينا أن ننتظر لمدة 20 سنة للوصول إلى الحد الأقصى للإنتاج.
إن إدارة معلومات الطاقة تشير تقديراتها إلى أن الإنتاج من ان اللجوء إلى القطب الشمالي والوصول إلى ذروته، سيخفض اعتمادنا على واردات النفط الأجنبي بنسبة 4 في المئة فقط، من 68 في المئة إلى 64 في المئة. وهناك مناطق أخرى من الأراضي الاتحادية أكثر ملاءمة للتنمية يمكن وينبغي أن تكون مكان التنقيب. فتصاريح الحفر على الأراضي الاتحادية قد ارتفع على مدى السنوات العديدة الماضية، إلى أكثر من الضعف في الفترة من 2001 إلى 2006. وفي الوقت نفسه أفادت الإدارة أنه في خمسة أحواض رئيسية في جبل الصخري، 85 في المئة من موارد النفط و 88 في المئة من الغاز الطبيعي والموارد المتاحة للتأجير والتنمية. الكونغرس أيضاً مول البحث والتطوير في برامج لتعزيز الإنتاج المحلي. ومن غير الدقيق توجيه اصابع الاتهام إلى القول الكونغرس هو الذي يعوق التنمية والنفط والغاز والإنتاج في امتنا.
وقد زادت قدرة المصفاة بنحو 1 مليون برميل يوميا خلال الفترة الرئيس بوش من 5.17 مليون برميل يومياً في عام 2001 إلى 6.16 مليون برميل يوميا في عام 2007، من خلال زيادة الطاقة الإنتاجية في معامل التكرير القائمة. ولم تكن هناك جهود من الكونغرس في محاولة لإبطاء هذا التوسع. وقد طلب من معامل التكرير ما إذا كانوا يريدون بناء معامل تكرير جديدة، بدلا من التوسع في القدرة على التكرير القائمة، وقد أبلغتنا أنهم يفضلون توسيع القدرات الموجودة في معامل التكرير.
جلسة الثاني عشر من مايو الماضي
وكانت بعنوان (تصريح رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية السيناتور بينجامن) وكان أهم ماورد بها انه سيصوت ضد تعديل الرئيس وإنه يطلب من الإدارة التعامل مع أسعار النفط المرتفعه عن طريق معالجة نقطتين:
1- تقليل الحوافز على المضاربة في أسعار النفط.
2- دعم الدولار والالتزام بالسياسة المالية لدعم الاقتصاد.
وقال في كلمته: يتواجد معنا أقدم نائب رئيس شركة نفط كبرى وقال في إحدى جلسات الاستماع هذه (عندما تنظر إلى أساسيات اعمالنا العرض والطلب الأساسي، وتقييمنا للسعر يجب أن يكون في مكان ما حول الخمسين والخمس وخمسين دولاراً للبرميل وبالنسبة لي هناك ثلاثة عوامل تسهم في ذلك الاول موضوع النقد وضعف دولار والآخر هو الجيوسياسيه المخاطر السياسية والثالث هو المضاربه).
جلسة السابع والعشرين
من مايو الماضي
وأهم ما فيها توجية استفسار إلى سوق العقود المستقبلية وفيه يظهر ارتفاع عدد التجار في الأسواق وكذلك ارتفاع نسبة المتاجرة في هذه الأسواق والعيوب التنظيمية في هذه الأسواق وغياب الشفافية ايضا وكيف تحولت الطاقة إلى أوراق مالية مستهدفة من قبل الصناديق الاستثمارية.
جلسة التاسع والعشرين
من مايو الماض
وفيها إعادة طلب للتوضيح من أسواق الطاقة حول أسباب ارتفاع الأسعار وكيفية تقنينها وإعادة تنظيمها وفيها تطلع إلى تحقيق نتائج تساعد في إجراء تشريع يمنع التلاعب بالسوق وأفضل السبل للتصدي له وينبغي اتباع سياسة من شأنها زيادة الإنتاج الأمريكي واستكشاف أعماق البحار وإزالة الحواجز والعراقيل لتطوير القطاع النفطي وزيادة الإنتاج الأمريكي لحل مشكلة أسعار البنزين بالنسبة للعوائل الأمريكية وإرسال إشارة قوية للعالم بأن الولايات المتحدة لن تعتمد على النفط الأجنبي.
ومن مطالعة الجلسات نجد أن الكونغرس الأمريكي لم يغفل أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار النفط هو المضاربة في أسواق العقود الآجلة وإذا ما تعمق القارئ في البحث في محاضر الجلسات نجد أن هناك نوعا من التراشق بين الكونغرس والإدارة السياسية في الولايات المتحدة ويجد شبه اتفاق على أن الولايات المتحدة لم تسهم بشكل فعال في حل مشكلة ارتفاع أسعار النفط.ومنذ عام 2001 وحتى 2007 م ومن الجدول الموضح أعلاه أي أن الولايات المتحدة قلصت إنتاجها بما يعادل 31% وزادت في استهلاكها بنسبة 24% وهذا ما يؤيد التقرير الجيولوجي الذي تم الاستشهاد به سابقا النقطة الثانية وهي الحرب على العراق حيث أنها تسببت في تعطيل إنتاج النفط في احد أهم الدول المنتجة.
ازدواجية المعايير
الغريب في الأمر هو ازدواجية المعايير لدى وكالة الطاقة الأمريكية فهي تتحدث عن الأثر البيئي والخطر الناجم عنه في حالة زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة باعتبار ان تخفيض إنتاجها سيحمي البيئة اما الدول الأخرى إذا انخفض إنتاجها فهو يعد تلاعب لرفع الأسعار ونفس التقرير ذكر أن منطقة ألاسكا من المناطق الغنية بالنفط وأن إنشاء الآبار قد يستغرق عشر سنوات مع العلم أن إنشاء البئر يحتاج من أربعة إلى ثمانية أشهر والسبب أن إنشاء الآبار في الولايات المتحدة يجب أن لا يتعارض مع قوانين حماية البيئة التي يضعها الكونغرس إذا فالمشكلة ليست في التكنولوجيا ولكن في سياسة الكيل بمكيالين حيث أن حماية البيئة تأتي في الدرجة الأولى في الولايات المتحدة ولا تأتي نهائيا خارجها حسب سياسة الكونغرس الأمريكي.
وعند مقارنة الأسعار للمستهلك نجد أن أسعار النفط الخام تخضع إلى ضريبة الكربون التي تفوق 100% أو اكثر في بعض الدول الغربية وهنا تكمن قوة التأثير الشعبي ضد الدول المنتجة للنفط والغرض من ذلك تجريدها من حصانتها الدولية مع العلم أن القانون الدولي لا يمنع الاحتكار وحتى قوانين حظر الاحتكار لمنظمة التجارة العالمية -التي لا تلتزم بها الولايات المتحدة أصلاً- لا تشمل النفط فهو من السلع المستثناة من قوانين منع الاحتكار.
وإضافة إلى كل هذه المعطيات تصر الولايات المتحدة على تكرار أن أسعار النفط في عام 1970 م كانت تدور حول 3 دولارات وهذا السعر قبل أكثر من ثلاثين سنة وعند مراجعة القوة الشرائية للدولار في ذلك الوقت نجدها مقاربة إلى سعر 85 دولارا في الوقت الراهن وفي عملية حسابية بسيطة نجد أن النفط ارتفع سعره بنسبة 58% ليعوض خسائر الدولار المتهالك الذي خسر من قيمته ما يفوق 30% فنجد أن النفط ارتفع بما يعادل 28% ومع المقارنة نجد أن تحرك النفط ليعوض فترة سبات امتدت لثلاثة عقود من الزمن بارتفاع يعادل تقريبا 28% منطقي من وجهة نظر المضاربين في النفط الذين يتحدثون عن أسعار عادلة تفوق 150 دولار للبرميل ومن الانصاف القول ان الكونغرس الأمريكي لم يغفل أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار النفط هو المضاربة في أسواق العقود الآجلة ففي التصريحات السابقة يظهر لنا هذا التلميح.