Al Jazirah NewsPaper Friday  20/06/2008 G Issue 13049
الجمعة 16 جمادىالآخرة 1429   العدد  13049
المشاريع التنموية.. والجهات المعنية!
محمد بن عبدالله المحيميد- الرياض

تشهد المملكة العربية السعودية طفرة هائلة في المشاريع التنموية على مستوى كافة الخدمات بيد أن هذه المشاريع العملاقة تصطدم بعوائق وحواجز تتسابق وتتنافس للحد من تكامل هذه المشاريع فتجد الصعوبات تُختلق عند أي مشروع يُشرع في تنفيذه سواء بالإشراف أو التنسيق مع الجهات ذات العلاقة أو أثناء مراحل التنفيذ، وقد أدى ذلك إلى ضياع المسؤوليات والحقوق المترتبة لأي طرف من هذه الأطراف، وهذا ناتج عن النظرة القاصرة التي تتبناها كثير من هذه الجهات التي ارتأت - للأسف- أن يكون دورها ومساهمتها في هذه المشاريع لا يعدو تصيداً للأخطاء والثغرات واستغلال الأطراف الأخرى لمصالحها وبالتالي خسر الوطن والمواطن لبنة من لبنات الحياة الأساسية.

ونظراً لأن الموضوع يعتمد في أصله على أطراف عدة يجدر بنا حصرها باعتبار دورها المسؤول في هذه المشاريع وتتمثل هذه الأطراف بثلاثة محاور (التنسيق والإشراف والتنفيذ).

المحور الأول : التنسيق: وهو إجراء ترتيبي لربط الأنظمة الفرعية بعضها ببعض لتحقيق الأهداف المرجوة، فقد عرفه العالم ديموك Dimock بأنه عملية ربط الأنظمة للأمان، وعرفه العالم ستونر Stoner بأنه عملية تكاملية بين الأنظمة لتحقيق هدف معين، وعرفه العالم موني Mooney بأنه ترتيب لجهود عمل يُراد إنجازه، إذن أمام هذه التعريفات لمفهوم التنسيق يجدر بنا أن نسأل أنفسنا هلا استوعبنا هذه المفاهيم أو جزءاً منها واستفدنا منها لمشاريعنا المختلفة؟ إن من أهداف عملية التنسيق هي حماية الأطراف المتداخلة مع أي عمل قبل تنفيذه، ولتحديد مدة زمنية معينة لإنجاز المشروع ولمنع الازدواجية التي ربما تعترض المشاريع في بعض قراراته، ويجب أن يكون التنسيق مستمراً وذا طابع دائم وأن يكون مرناً بين الأطراف جميعهم، وللتنسيق مجالاته المتعددة منها ما يكون قبل بداية التنفيذ ومنها ما يكون أثناء التنفيذ ومنها ما يكون بعد نهاية العمل ومنها ما يكون من الأهمية بمكان، ومنها مالا يعدو إجراءات روتينية تشغل فيه البيروقراطية حيزاً كبيراً وهذا ما يجعل من مرحلة التنسيق عائقاً من العوائق التي تعترض أغلب المشاريع التنموية.

كذلك تعترض بعض هذه المشاريع جهات لا تعي مجالات العمل الميدانية فتكبو بهم جيادهم دون غايتهم، فترتجل القرارات والغرامات وربما أُلغيت بعض المشاريع أو أُوقفت بسبب أن تلك الجهة ترفض العمل لمصالح دنيا تراها لا تتوازن مع المصالح العليا المنشودة، ثم إنني أطالب بوضع أهل الاختصاص من المهندسين في كل جهة تكون على محك مع هذه المشاريع وعدم ترك القرارات لأناسٍ لا يفقهون طبيعة هذه الأعمال بل إن بعضهم يعتبرون مشاريع الخدمات شراً محضاً لا خير فيه لأن تصورهم قاصر على آنية الحدث من الحفر والردم والسفلتة فيغفلون عن منافع هذه المشاريع لأن نظرتهم قاصرة في مجال عملهم ولا تتعداها نظرة مستقبلية لواقع مزدهر يتطلب الصبر والتأني في سبيل غد مشرق -بإذن الله.

المحور الثاني : الإشراف: وهي متابعة ومراقبة القائمين بالمشروع وحل للمشكلات التي تواجههم، ولعل موضوع الإشراف من المواضيع المتشعبة، الذي لا يمكن أن نعطيه حقه في سطور قليلة، إلا أنني سأركز على نقاط معينة تشوب هذا المحور المهم، لعل الهدف المتوخى من عملية الإشراف هو التخطيط والوقوف على كافة البرامج والأنشطة التي تحقق نجاح المشروع، ويتجلى ذلك بتمكين القوى العاملة الوطنية من المهندسين والفنيين السعوديين من العمل الإشرافي الذي اُحْتُكِرَ جزءٌ كبيرٌ منه في غير السعوديين، ثم إن الدور الإشرافي لا يعني تصيد الأخطاء والمحاسبة القاسية والاستغلال السيئ للمقاول بل هو العمل يداً بيد مع المقاول للوصول إلى حلول سليمة قبل وأثناء وبعد وقوع الخطأ، ويتوجب على الجهاز الإشرافي متابعة الجدول الزمني للمشروع ومراقبة جودة الأعمال المنفذة وتقليل التكلفة وإعطاء المقاول حقوقه كاملة، ولأن لا يحصر الحديث في جانب إشرافي معين، فإن طرق الإشراف بكاملها وإن كان بعضها يديره سعوديون إلا أن كثيراً منها تفتقر للمسؤولية، وعدم الخبرة وتستغل موقعها القوي في أهداف شخصية أصبحت معلومة من الواقع الضرورة!

المحور الثالث: التنفيذ: وهو وضع التصورات والتصاميم وتحويلها إلى واقع ملموس، يقع على المقاول المنفذ ما يقع على غيره من التزمات وواجبات وحقوق إلا أن ما ذكر سابقاً ربما يكون سبباً في عدم جودة التنفيذ لانزلاق المقاول وراء تلكم التصرفات التي لا تخدم هذه المشاريع، فمن واجبات المقاول تأمين الفرق والمعدات اللازمة للمشروع واتخاذ أساليب السلامة في كافة أعماله وتوفير المواد المناسبة ذات الجودة العالية للمشروع وأن المنسق أو المشرف أو المنفذ مهما صغر أو كبر أن يتقي الله في عمله ويرعى سمعه لهذه الآيات والأحاديث، يقول تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}(سورة الأحزاب: 72)، ويقول تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا...}(سورة النساء: 58)، ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}(سورة الأنفال: 27)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة) متفق عليه.



eng.mohammad@almo7aimeed.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد