Al Jazirah NewsPaper Friday  20/06/2008 G Issue 13049
الجمعة 16 جمادىالآخرة 1429   العدد  13049

رسولنا فوق كل الأقاويل
فهد بن عيد الزويمل

 

حين يتعلق الغرب بجميع أطيافه بالحرب غير المعلنة على الإسلام وأهله، فذلك أمر ليس بمستغرب على أمم يقودها فئات امتلأت صدورهم حقداً وحسداً على أعظم دين وأكرم نبي وخير أمة.

إنهم يخافون من الإسلام لأن استعلانه مؤذن بنهايتهم إن لم يتبعوه يخافون منه لأنه دين لا يقف في وجهه شيء لقد اكتسحهم يوماً من الدهر، اكتسح عقولهم حضارتهم آدابهم أراضيهم فدانوا له طوعاً أو كرهاً.

إن الذين تمالؤوا على الكفر والمكر والتبييت للإسلام وأهله عادوا مرة أخرى وبلبوس الاستهزاء برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عبر الرسومات التي تلفظها المطابع، إنهم لا يريدون محمداً الرسول وإنما يريدون ما يحمله، يريدون رسالة الإسلام التي أقضت مضاجعهم فالطعن في الرسول طعن في الرسالة، قال تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ}.

فلا تتوقع منهم غير ذلك وإن كتموه طويلاً فهذا ما أخبرك الله عنهم: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}، {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء}.

لكن من دفاع الله عن نبيه وأوليائه أن الله يرد كيدهم في نحورهم وتصبح المحنة منحة والاستهزاء باب مدح وشهرة للمستهزئ به، ولو حسبوها بعقولهم لكفوا عن مثل ذلك، وإليك أيها القارئ الكريم بعض الحقائق التي جنوها هم من سماحهم لتلك الرسوم:

1- أفادت المقاطعة الاقتصادية وأتت أكلها حيث إن الخسائر بالمليارات وأغلقت بعض المصانع هناك وهم يعلمون أن أكبر سوق لبضائعهم هو عالمنا الإسلامي المستهلك.

2- إسلام قرابة عشرة آلاف دانماركي بعد الرسوم الأولى.

3- أكثر الكتب مبيعات في معارض أوروبا عموماً للكتاب هو الكتاب الإسلامي خاصة القرآن. وفي أحد المعارض في ألمانيا نفدت نسخ المصحف في اليوم الأول من كثرة الطلب.

4- أعمال العنف والإفساد والتخريب والحرائق التي عمت الدنمارك وفي المستقبل القريب ما هو أشد وأنكر. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} فما ظنك بدفاع الله عن أكرم خلقه عن خليله ومصطفاه.

فالأمم إنما أهلكت حين آذت أنبياءها ولعلك لا تجد أحداً آذى نبياً من الأنبياء ثم لم يتب إلا بعد أن يصيبه الله بقارعة، قاله ابن تيمية رحمه الله وكما قال عز وجل: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}. وقال: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} فما واجبنا بعد ما قيل ونشر ما نشر.

أولاً: إن كنا صادقين في محبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعلينا أن نصدقه فيما أخبر ونطيعه فيما أمر وأن نجتنب ما نهى عنه وزجر وأن لا نتعبد الله إلا بما شرع على لسانه صلى الله عليه وسلم. فهذا أعظم دليل على صدقنا في محبتنا له عليه الصلاة والسلام، فعوداً إلى الهدى.

ثانياً: التعزير والتوقير للرسول كما في آية الفتح {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} والتعزير النصرة ومن نصرته الذب عن عرضه ورسالته وأمته بالقلب واللسان والجوارح قولاً في وسائله وكتابه في الصحائف وعبر الفضائيات والجرائد والكتب والمجلات والمواقع والمنتديات، وبلغات العالم كلها.

ليست النصرة بأبيات تقال بمدح رسول الله، فحسب، بل بواقع عملي جاد مؤصل.

ثالثاً: الغيرة على الدين عموماً أشد من غيرتنا على أنفسنا ومحارمنا وقبائلنا فلا خير في غيرة لا تكون لله ولرسوله ولدينه.

إذا كان قلبي لا يغار لدينه

فما هو لي قلب ولا أنا صاحبه

فإن أبي ووالده وعرضي

لعرض محمد منكم فداء

رابعاً: أن تبرز المعاني العقدية والفقهية في مثل هذه الأحوال كمصطلح الولاء والبراء وبيان حقيقة عداواتهم لنا {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا}.

خامساً: أن نعلم أن الكفار يداً واحدة وسهماً مصوبة على أهل الإسلام وبينهم من التناصر علينا ما لا يخفى {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} ولا تغرنك المسميات بالجغرافيا لكن انظرها في الدين.

سادساً: أن نجدّ في المقاطعة ولمن وراءهم لقد رمونا عن قوس واحدة فلا أقل من أن نرد عليهم مثلها. ونجد في أن نرفع أنفسنا من مستوى المستهلك إلى مستوى المصنع المنتج لنتحكم في أسواقنا وما يناسبنا. ولا يجوز التخذيل للمقاطعة بل يجب أن نذكيها فالقوم يعبدون المادة ولا يحق لنا أن نختزل النصرة بالمقاطعة لبضائعهم فالمقاطعة أقل القليل.

سابعاً: أهمية الاجتماع واجتماع كلمة الأمة فإن الناس إذا اجتمعوا عزوا واستطاعوا أن يبنوا لأنفسهم عزاً ومجداً وقدراً وصوتاً فزماننا زمن القوي لا غير.

لا يعني هذا أن لا نعاملهم بالعدل أو نرد باطلهم بباطل مثله كلا، بل نعاملهم بما أمر الله فمن احتكم إلى شرع الله أغناه ومن ابتغى غيره فلا تسل في أي واد يهلك.

ثامناً: تنشئة الأجيال والصغار على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقراءة سيرته والاهتداء بهديه.

تاسعاً: عودوا إلى أنفسكم وانظروا ما الذي جرأ الأعداء عليكم فعالجوا أسباب الضعف والتخلف وافهموا كيف يفكر أعداؤكم لتعرفوا كيف تواجهوهم في تحديهم لكم.

وأخيراً تذكروا سورة الكوثر فقد ختمت ب{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}. قال ابن تيمية: (فمبغضه مقطوع من كل خير في أهله وماله وذكره وحياته وعمله وأنصاره فكل من شناه أو أبغضه وعاداه فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره).

في الختام أسأل الله جل وعلا أن يرفع من به رفعة للدين وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.

كاتب العدل في كتابة العدل الثانية بحائل - نائب رئيس الجمعية الخيرية بحائل


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد