انتهت يوم الثلاثاء 2-4-1429هـ الموافق 8-4-2008م مسابقة شاعر المليون في نسختها الثانية والتي أقيمت فعالياتها على مسرح الراحة في أبوظبي على مدة 16 أسبوعا حيث شارك في المسابقة 48 شاعرا وشاعرة يمثلون 8 دول عربية منها 5 دول خليجية بالإضافة إلى الأردن وموريتانيا واليمن وكان أغلب الشعراء المشاركين من السعودية وتأهل للحلقة الأخيرة خمسة شعراء هم:
1- ناصر الفراعنة (السعودية)
2- عيضة السفياني (السعودية)
3- خليل الشبرمي (قطر)
4- محمد الكعبي (الامارات)
5- عامر بن عمرو (اليمن)
ورغم تعدد الآراء والترشيحات والتوقعات حول الشاعر الذي سيفوز باللقب وحمل البيرق إلا أنه بحكم متابعتي واهتمامي بالساحة الشعبية منذ سنوات وتصنيف البعض لي بأنني شاعر. راهنت من دور الـ48 على شاعرين هما:
1- خليل إبراهيم الشبرمي من (قطر)
2- مهدي آل حيدر الوايلي من (السعودية)
لكن بخروج آل حيدر في الحلقة الرابعة عشرة وتأهل بدر الظاهري لينضم للشعراء الستة المتأهلين من الدور الـ24 قلت للكثير ممن يتابعون المسابقة: إن الشبرمي يتجه بقوة لإحراز اللقب وهذا الرأي ليس مبنياً على العاطفة أو التخمين فقط وهو السمة السائدة بين معظم المتابعين لهذه المسابقة ولكنه رأي مبني على معطيات موجودة على أرض الواقع.
وهناك سؤال منطقي: كيف تستطيع دولة مثل قطر لا يتجاوز عدد سكانها المليون أن تحقق اللقب مرتين من خلال آلية التصويت بينما نفشل في تحقيق ذلك رغم أن تعداد السكان لدينا تجاوز العشرين مليونا؟
والإجابة عن ذلك أن قطر أو غيرها عندما تشارك فهي تشارك بشاعر يمثل الدولة وليس القبيلة التي ينتمي إليها ومهما كان حجم وتعداد القبيلة لا يمكن أن تنافس دولة بأكملها.
الأمر الآخر أن القبائل والعوائل في دول الخليج العربية متداخلة بدرجة كبيرة بغض النظر عن الحدود السياسية لهذه الدول وبالتالي نحن لا نستطيع القول إن الأصوات التي أهلت الشبرمي هذا العام أو المري في العام الماضي جاءت من داخل قطر فقط.
وأنا متأكد أن معظم الأصوات التي أهلت الشاعر خليل الشبرمي جاءت من داخل السعودية في المقابل نجد الشعراء السعوديين الذين يشاركون بالمسابقة يعتمدون على تصويت القبيلة التي ينتمون إليها وأحياناً يحدث تنافس قبلي يشتت الأصوات ويؤدي إلى عدم تحقيق النتيجة المطلوبة بل إنني قرأت في أحد المنتديات الالكترونية آراء قبل الحلقة الأخيرة تقول إن سبيع لوحدها قادرة على تأهيل ناصر الفراعنة دون الحاجة لتصويت الآخرين.
فيما يتعلق باللجنة أرى أنها منذ بداية المسابقة وحتى نهايتها كانت منصفة وحيادية ولم تظلم أي متسابق خاصة السعوديين بل إنها في الحلقة الأخيرة أعطت الفراعنة أعلى درجة بين المتسابقين الخمسة وهي 46 درجة من50 وأعطت الشبرمي 42 من50 فيما يتعلق بالتصويت وحسب معلوماتي أنه يتم بطريقة آلية وليس للجنة أية سيطرة عليه أو تدخل فيه ورغم الضجيج الإعلامي حول الشاعر الفراعنة إلا أنني كنت أرى أن الشاعر الذي ينافس الشبرمي بقوة هو الشاعر اليمني عامر بن عمرو لشاعريته أولاً ولجماهيريته في جنوب الجزيرة العربية والموقف من الشعبي والرسمي في بلاده ثانياً.
والسؤال: كيف فاز الشبرمي وأخفق الفراعنة حيث حصل على أقل نسبة بين المتسابقين وهي 48%؟
فاز خليل الشبرمي لعدة معطيات أهلته للفوز بجدارة منها:
- شاعريته الفذة فله أسلوبه المميز الذي لا يشابه أحدا حيث يكتب على البحر الطويل وعندما تستمع إليه فكأنك تقرأ للقاضي أو ابن سبيل أو فهيد المجماج من عمالقة الشعر السابقين.
- تواضعه الجم وهدوءه وشخصيته المحببة إلى القلوب حتى إنه قبّل رأس الفراعنة عند إعلان النتائج وقال في إحدى الحلقات إنه سعيد أنه مع أستاذه الشاعر خالد العتيبي وخالد العتيبي شاعر وابن عم لا خلاف في ذلك لكنني لا أعتقد أنه سيكون أستاذا لقامة شعرية مثل خليل الشبرمي وهذا كله من باب التواضع.
- تصويت القطريين له من باب المواطنة وليس من باب القبلية الضيق الذي لا يفيد في مثل هذه المواقف.
- انتماؤه إلى قبيلة كبيرة تمتد على مساحة الوطن العربي بأكمله وفي المقابل أخفق الفراعنة لأسباب منها:
- عدم التصويت له على مستوى الدولة واعتماده على قبيلته قليلة العدد مقارنة بالقبائل الأخرى.
- سوء اختياره القصائد التي شارك بها فهي تراوحت بين الطلاسم التي تحتاج تفسيرا كما قال د.غسان الحسن والمتلقي ليس لديه الوقت لتفسير ما يقصده الفراعنة في هذا البيت أو ذاك وبين قصيدته الغزلية التي أساءت إليه لدى معظم المشاهدين وهذه القصيدة قد تقال في مجلس خاص لكنها لا تقال في مسابقة في قناة فضائية يشاهدها الملايين وكما يقال: (لكل مقام مقال).
- الشاعر الفراغنة ذهب ضحية جمهور مسرح الراحة الذي صفق له كثيرا وبعض مواقع الإنترنت التي أعطته اللقب منذ بداية المسابقة وكأن البقية مجرد تكملة عدد أو كومبارس.
- الثقة الزائدة بالنفس وهذا النوع من الثقة يهزم جيوشاً وفرقاً كروية عالمية وليس شاعرا شعبيا في مسابقة مع العلم أن جميع الشعراء الـ48 جاءوا من أجل هدف واحد وهو الحصول على اللقب والذي يقول غير ذلك يجامل ويخالف الحقيقة ومع احترامي الشخصي لجميع المشاركين إلا أنني لم أرشح الفراعنة للحصول على اللقب حتى بعد وصوله إلى الحلقة الحاسمة والأخيرة للأسباب التي ذكرتها أعلاه وأسباب أخرى قد لا يكون من المناسب الخوض فيها.
وقبل إعلان النتائج رتبت الشعراء الخمسة تصاعدياً كما يلي:
1- خليل الشبرمي
2- عامر بن عمرو
3- عيضة السفياني
4- محمد الكعبي
5- ناصر الفراعنة
وهذا الترتيب قريب جدا من النتائج المعلنة ومطابق في المركزين الأول والخامس لكن التصويت كما خذل الفراعنة خذل السفياني وهو شاعر مميز ولديه فكر ورسالة ما يريد إيصالها وعزف على وتر مشجعي أحد الأندية الرياضية الكبرى وهي فكرة ممتازة ولكنها للأسف لم تخدمه كثيراً.
وأنا دائما ضد التخوين وإساءة الظن بالآخرين لأن هناك أصواتا تقول إن الإماراتيين تلاعبوا بالتصويت من أجل فوز الشبرمي وخروج الفراعنة.
والسؤال هنا: ما هي مصلحة الإماراتيين في ذلك؟
ولو سلمنا بذلك جدلا وهو أمر مستبعد فإن العقل والمنطق في هذه الحالة يقول: لا بد أن يفوز الكعبي الإماراتي وليس الشبرمي القطري!
وخلاصة القول: إذا أردنا الفوز في السنوات القادمة إذا أقيمت المسابقة علينا الاستفادة من أخطاء الماضي وأن يتم اختيار عدد محدد من الشعراء خمسة مثلا ويتم التصويت لهم دفعة واحدة عندها قد يفوزون جميعا أو على الأقل أربعة منهم ويصلون إلى المرحلة النهائية وعندها يحقق اللقب من يحققه ما دام سيسجل باسم الوطن.
وهي نفس الخطة التي تسير عليها قطر حتى الآن. الأمر الآخر والأهم أن من يدخل مسابقة ويوافق على شروطها وآلياتها فهو ملزم قانوناً بنتائجها وليس له حق الاعتراض ومن لا يوافق على هذه الشروط والآليات عليه عدم الدخول فيها.