Al Jazirah NewsPaper Friday  20/06/2008 G Issue 13049
الجمعة 16 جمادىالآخرة 1429   العدد  13049
في ثقافتنا المحلية.. هل أصبح الحب جريمة؟!
جميل فرحان اليوسف

أتحدث هنا عن قيمة إنسانية روحية سامية، كانت ولا تزال ضحية الممارسات الخاطئة التي سيطرت على غالب الأمكنة والأزمنة.

أتحدث عن (الحب) هذا المعنى البعيد الراقي السامي عن كل شوائب الدنيا مهما صغرت أو تعاظمت، إنه تلاقٍ روحي صادق عفيف، موجود أصلاً في ذات الإنسان التي تشتاق إلى المشاعر الأصيلة الوفية المتجردة من تحولات العصر الغازية لكل جميل.

الحب في زماننا تحول إلى جريمة يجب أن يحاكم عليها أحد القلبين، وليتها في محكمة واحدة وأمام قاضٍ واحد! إنها محاكم متعددة وقضاة كثيرون يتناولون المحب (مرتكب الجريمة) على أنه خارج دائرة البراءة سواءً ثبتت إدانته أو لم تثبت..

فإما أن يكون ماثلاً أمام محكمة المجتمع التي تضرب عليه بسياط من نار!

وإما أن يمثل أمام محكمة من يحب، فيدرس قضيته باعتباره واحداً في زمان المتغيرات والمتناقضات والمصالح الزائفة.

ومن هنا لا يكون ذاك المحب المسكين، إلا متهماً من هنا وهناك، لدرجة أن تمنى لو ماتت مشاعره بداخله دون أن يبوح بها سراً أو علانية.

طبعاً أتحدث عن (الحب الشريف العفيف) الذي نمت بذرته وكبرت وتعاظمت في الروح الأصيلة التي لا تنظر إلى المحبوب بعين الشهوة والغريزة والمصلحة، بل تنظر إلى روحه التي تعلقت في كل جزءٍ من أجزاء جسمه، فأصبحت تسري معه كما يسري الدم في عروقه.

وحين يعلن الرجل أو المرأة عن تلك المشاعر بنية سليمة، يتفاجأ أحدهما بحجارة التهم تتراشقه من كل جانب! مع أن الحب في كثير من حالاته وغرائبه لا يأتي متوافقاً بين الطرفين بكل شيء، فإما أن يكون الاختلاف في الجنسية أو الديانة أو الثقافة أو فارق السن أو النسب واللون!

كلها أمور لم تأت للمحب على بالٍ، لأن روحه عشقت روحاً لا تدري إلى ماذا يصنف الجسد الذي يحملها، ولم يجلس على مكتبه يوماً ما لكي يأخذ قراراً بأنه سوف يحب هذا الإنسان تحديداً!

إنه قرار ليس اختياري على الإطلاق، فالقلب هو من يقرر دون الرجوع إلى العقل الراجح الحاذق الذي دوماً ما يضع العقبات والأحجار المختلفة من دينٍ ونسبٍ ومالٍ وجمالٍ وغيرها..

وعنئذٍ تكون الكارثة!

حب من طرفٍ واحدٍ حكمت عليه محكمة الخيانة والمؤامرة والغدر بأنه محروم وليس مرحوماً، ومتهم مثبت الإدانة بأنه لم يحب إلا لغايةٍ في نفس يعقوب قضاها!

وبين ردهات تلك المحاكم، ضاعت القلوب الصادقة، وحكموا عليها بالإعدام بلا رحمة ولا شفقة، وياليتهم عادوا إلى السجل العربي الحافل بمعاناة المحبين من أجل الوصال والتلاقي!

أقول أخيراً..

أحسن الله عزاء القلوب الوفية الراقية، ومن كان منها فيه شيء من الأمل فليوقد ناراً، ويحرق فيها حبه لأي أحدٍ، فلم يعد في هذا الزمان مكاناً للصدق والوفاء!

والسؤال الخاتم:

هل يستطيع شاب أو فتاة في ثقافتنا المحلية أن يعلنا عن حبهما بهدف الزواج؟

لن أجيب.. فالإجابة وأد لكل معنى جميل.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد