Al Jazirah NewsPaper Friday  20/06/2008 G Issue 13049
الجمعة 16 جمادىالآخرة 1429   العدد  13049
آليات لتحصين الشباب ضد أي انحراف كان
عادل بن محمد العُمري *

لن أكرر ما قاله الآخرون في التعاطي مع قضية تحصين الشباب ضد الأفكار المنحرفة، وهذه بعض الأساسيات التي أرى أنها آليات ربما تكون جديدة في هذا الواقع الكبير؛ فالشباب يقرؤون كل شيء ويسمعون كل شيء ويرون كل شيء، فإذا تعاملنا مع عقولهم بهزل وبسطحية فإننا سنخسر السجال معهم، وربما يمارسون معنا- كمربين- أساليب يظهرون أنهم يوافقوننا فيها، أو بعبارة أدق ما يسمى بالنفاق الاجتماعي.

وأولى هذه الآليات التي لابد منها لتشكيل الحصانة الذاتية عند الشباب تتمثل في تحديث طريقته في التفكير، فما كان صالحاً في الأمس قد لا يكون صالحاً اليوم، ولابد لنا أن نتعامل مع مشكلة (الوعي ضد الشباب) فكلما تدنى مستوى الوعي، تدنى مستوى التفكير، وإذا كان الوعي خاطئاً فسيكون التفكر كذلك، ولن يتصرف الشباب بشكل أفضل إلا عندما يتغير مستوى وعيه، ولن يستطيع أن يواجه التحديات بأنواعها الفكرية والثقافية وحتى الدينية بمستوى متدن من الوعي، ومستوى الوعي ومواجهة التحديات يحددها مؤسسات المجتمع من مسجد وبيت ومدرسة.

ومن الآليات أيضاً: احترام الشباب، وعدم تهميشهم، ومنحهم حرية الاختيار، وتنمية مبدأ الاختلاف في الرأي، واحترام تعددية الثقافات في العالم، فالشباب إذا لم يناقش ولم يحترم رأيه فسيجد من يحترم رأيه في وسائل الاتصال الحديثة، وسيكون في غيبه عن من يحمل هماً لتربيته.

ومن الآليات أيضاً: إذكاء روح الحوار عند الشباب، وإتقان فنون الحجة والبرهان، واحترام المحاور الآخر وخصوصياته، واستبعاد الرغبة في الغلبة والانتصار من أجل تحقيق الغايات والأهداف الإيجابية، وعلى أساس ذلك لابد للشاب أن يدرك وسطية الإسلام اعتمدت الحوار بين الثقافات والحضارات، وعلى المربين العناية بذلك من خلال الآتي:

- تعليم الشباب أن هناك قيما مشتركة بين الحضارات، ومراعاة الخصوصيات الثقافية في سبيل تحقيق تعايش آمن.

- التأكيد على ضرورة السير معاً بسلام ووئام على أساس راشد لحماية المجتمعات البشرية من الكوارث والفقر والجهل.

- التأكيد على أن التطرف والغلو يتناقض مع روح الدين ومقاصده.

- التأكيد على أن القيم الإسلامية لا تدعو للإقصاء أو الكراهية، ولا تبرر سفك الدماء.

- الأمن الإقليمي أمر ضروري لا يمكن السماح بانتهاكه مهما كانت المبررات.

- تحريم الظلم بين الأفراد والمجتمعات لكونه مصدرا من مصادر الكراهية والفساد والإرهاب.

- احترام ممتلكات وخصوصيات الإنسان أياً كان جنسه وهو إرث نبوي.

- التأكيد على التوازن بين حركة العلوم التكنولوجية، وين القيم الدينية والأخلاقية للمحافظة على كرامة الدين والإنسان في سبيل تعايش آمن.

- العمل على مكافحة الفقر ومساعدة الفقراء لتحرير أنفسهم من الظروف التي يعيشونها والتي تتنافى مع كرامة الإنسان، فالفقر من أسباب الانحراف، وفي الحديث (كاد الفقر أن يكون كفراً).

- تنمية روح الإبداع عند الشباب.

- التنوع الثقافي ضرورة ملحة للتكامل الحضاري.

- لابد من حل المشكلات التي تواجه الأمة من داخلها، وتؤثر على توجهات الشباب، ومن أهمها: التخلف، البطالة، الجهل، الفقر، أمية الكلمة والرقم والحاسوب، غياب المرجعية والقدوات الحسنة، فوضى اضطراب ساحة الإفتاء، توغل التطرف، الانهزام الداخلي.

إن المنهج الوسطي الإسلامي الراشد يجعلنا أكثر أملاً في نهوض أمتنا، والتي نسعى من خلال تلك الوسطية ان نحصن شبابنا عبر حركة ثقافية عقلانية راشدة تجمع ولا تفرق، وتبني ولا تهدم، وتحب ولا تعادي، تقدس العدل وتحتقر الظلم، وتحب السلم وتمقت الحرب، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.

إن وسطية الإسلام الذي ننادى بها لتحصين الشباب منهج ثري لثقافة الحوار، فليست مقيدة أو منغلقة، وليست أحادية التفكير كما يتهمها البعض، فهي مع النور والتنوير، ومع التجديد والتطوير والتقدم، ومع الإصلاح والتغيير والإبداع، تحترم الماضي وتنهل منه، وتنشغل بالحاضر وتعيش همومه، فالماضي والحاضر يرفدان المستقبل ويصبان فيه.

* جامعة القصيم



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد