Al Jazirah NewsPaper Friday  20/06/2008 G Issue 13049
الجمعة 16 جمادىالآخرة 1429   العدد  13049
الدكتور القنصل في حديثه عن (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر):
شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الملاذ بعد الله تعالى من انتشار الجريمة

إعداد - محمد بن سليم اللحام *

أوضح الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن عمر القنصل أن من نعم الله عزّ وجلّ على هذه الأمة أن جعلها أمة واحدة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله وتأمر بالمعروف بالمعروف وتنهى عن المنكر بلا منكر، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر عبادة لله وديانة لله وخوفاً من لعنة الله لو تقاعست أو قصرت في واجبها تجاه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأردف فضيلته في حديث له أن في القيام بهذه الشعيرة سر البقاء وأمانا من العذاب قال تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقرونِ مِن قَبْلِكمْ أوْلواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمواْ مَا أتْرِفواْ فِيهِ وَكَانواْ مجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبّكَ لِيهْلِكَ الْقرَى بِظلْمٍ وَأَهْلهَا مصْلِحونَ}.

الأمة الناجية

وقال: الأمة التي يقع فيها الفساد أيا كان نوعه وفي أي صورة من صوره ثم يوجد في تلك الأمة من ينهض لدفعه أمة ناجية، لا يأخذها الله بالعذاب والتدمير، أما الأمة التي يظلم فيها الظالمون ويفسد فيها المفسدون ويتبجح فيها الرويبضة على المصلحين ثم لا ينهض من يدفع الظلم والفساد أو يكون فيها من لا يستنكر إنكارا يؤثر في الواقع الفاسد فإن سنة الله تعالى تحق عليها، ولعنة الله تحل عليها، إنْ بهلاك الاستئصال أو بهلاك الانحلال والاختلال أو بهما معاً.

وأكد فضيلته أن البلاد التي لا يزال المصلحون ينهون فيها عن الفساد لهي بلاد محمية مأمونة من بطش الجبار جل جلاله، إنهم لا يؤدون واجبهم لربهم ولدينهم فحسب إنما هم يحولون بهذا دون أممهم وغضب ربهم واستحقاق النكال عليهم فلا بد من وجود جماعة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ولا بد من سلطة في الأرض تدفع وتدعم هذه الجماعة الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر، وهذا ما يدل عليه النص القرآني الكريم {وَلْتَكن مِّنكمْ أمَّةٌ يَدْعونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمرونَ بِالْمَعْروفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمنكَرِ وَأوْلَئِكَ هم الْمفْلِحونَ}.

دعوة وسلطة

وبيّن أن هناك دعوة إلى الخير، وهناك أيضاً أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وقال: والأمر والنهي لا يقوم به إلا ذو سلطان سلطة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فتطاع { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسولٍ إِلاَّ لِيطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ}ودين الله عز وجل ليس مجرد وعظ وإرشاد وبيان، فهذا شطر أما الشطر الآخر فهو القيام بسلطة الأمر والنهي على تحقيق المعروف ونفي المنكر من الحياة البشرية وصيانة أخلاق الأمة المنبثقة من دينها من أن يعبث بها ذو هوى أو شهوة أو مصلحة، وأيضا ضمانة هذه الأخلاق والمبادئ من أن يقول فيها كل امرئ برأيه وتصوره زاعما أن هذا هو الخير والمعروف والصواب فلو طوي بساط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لاضمحلت الديانة وعمت الفترة وفشت الضلالة وشاعت الجهالة واستشرى الفساد، وخربت البلاد وهلك العباد عندها يستولي على القلوب مداهنة الخلق وتنمحي منها مراقبة الحق ويسترسل الناس في اتباع الهوى والشهوات، ويتعذر من تأخذه في الله لومة لائم، فشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجب أن تبقى قائمة وصقورها يجب أن تبقى على رؤوس الفواسق حائمة فهي الملاذ بعد الله تعالى من انتشار الجريمة والارتكاس في عالم البهيمية.

وخلص فضيلته إلى أن هذا سبب امتلاء القرآن الكريم بنصوص الدعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكثر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في الأمر بالأمر بالمعروف والنهي عن ترك النهي عن المنكر، ومناداة السلف بذلك، وإجماع الأمة على ذلك حيث قال تعالى {وَلْتَكن مِّنكمْ أمَّةٌ يَدْعونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمرونَ بِالْمَعْروفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمنكَرِ وَأوْلَئِكَ هم الْمفْلِحونَ}وقال: وهذا دليل واضح في اختصاص الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بالفلاح، وحينما وصف الله جل وعلا المؤمنين وصفهم بهذا الوصف، والذي يلفت أهميته من المكانة بالفلاح، وحينما وصف الله جل وعلا المؤمنين وصفهم بهذا الوصف والذي يلفت أهميته من المكانة أن الله قدمه على الصلاة فقال تعالى: {وَالْمؤْمِنونَ وَالْمؤْمِنَات بَعْضهمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمرونَ بِالْمَعْروفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمنكَرِ وَيقِيمونَ الصَّلاَةَ}ولم يكتف القرآن الكريم بالحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى جاء التحذير والترويع في حق التاركين له، ولكن بقارعة من القوارع التي تسحق من وقعت عليه، فقال تعالى {لعِنَ الَّذِينَ كَفَرواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانواْ يَعْتَدونَ * كَانواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مّنكَرٍ فَعَلوه لَبِئْسَ مَا كَانواْ يَفْعَلونَ}وبيّن جل جلاله أن النجاة عند نزول العذاب هي من حق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر فقط، أما من عداهم فهو هالك سواء فاعل الذنب أو الساكت عنه، فقال تعالى: {فَلَمَّا نَسواْ مَا ذكِّرواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانواْ يَفْسقونَ}

الأهمية والركيزة

وخلص الشيخ القنصل إلى أن هذه المساحة الواسعة في القرآن الكريم لهذه الشعيرة الدينية تعطينا مدلولا على أهميتها، وأنها ركيزة من ركائز الدين، كما أن التفريط فيها ضياع للدين وانحلال للمؤمنين واختلال في نظام الآمنين. كما ويحذرنا المعصوم صلى الله عليه وسلم من التهاون في هذا فيقول: (كلا والله، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنّه على الحق أطراً، أو ليضربن الله قلوبكم بقلوب بعض، ثم ليلعنكم كما لعن بني إسرائيل)، وفي المسند وغيره قوله: (يا أيها الناس، إن الله يقول: لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر قبل أن تدعو فلا يستجاب لكم) فالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تكليف ليس بالهين ولا اليسير إذا نظرنا إلى طبيعته واصطدامه بشهوات النفس ونزوات الناس ومصالح بعضهم ومنافعهم وغرور بعضهم وكبريائهم، ففي الناس الغاشم والمتسلط والهابط الذي يكره الصعود والمسترخي الذي يكره الاشتداد والمنحل الذي يكره الجد، والظالم الذي يكره العدل والمنحرف الذي يكره الاستقامة، وفيهم الذين ينكرون المعروف ويعرفون المنكر، ولا تنجو الأمة ولا تفلح البشرية إلا أن يسود الخير ويكون المعروف معروفا والمنكر منكراً، فإذا ما عرف المعروف وأنكر المنكر تميزت السنة من البدعة وعرف الحلال من الحرام، وأدرك الناس الواجب من المسنون والمباح من المكروه، ونشأت الناشئة على المعروف وألفته، وابتعدت عن المنكر وأنكرته وصلحت البلاد وأمن العباد وعم الخير والرزق وزاد البّر والرفق، ولم يجد الأعداء في المجتمع من يستهويه أو يستميله، ولم يجد الجهال مبرراً لجنوحهم إلا بتأويله.

* إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد