قد لا يتوقع أحدٌ تحقيق الاكتفاء من الطلب على المساكن، في ظل المعطيات الحالية التي تؤكد بحسب بيانات سوق القطاع العقاري الحاجة لإنشاء ما يزيد على 2.3 مليون وحدة سكنية جديدة حتى عام 2020م، إلاّ إنني أخشى ما أخشاه بأن تمتلئ المدن بمساكن غير مأهولة، ونصل لدرجة تتوفر فيها المساكن وتكون خالية من السكان؟!
وهذا الأمر بدأت بوادره بالظهور، ولكم أن تتجولوا قليلاً في بعض الأحياء، فهناك العديد من المباني والعمارات السكنية المعروضة للبيع أو للإيجار، لكنها تشهد عزوفاً من المشترين والمستأجرين، وما هذا دليل على وجود الكثير من التغيرات المتسارعة في سوق العقار كالارتفاعات السعرية المتزايدة التي تتسابق في ضرب أرقام ربحية مهولة في أسعار الأراضي والفلل السكنية، وبسبب أساليب المضاربة على العقار، وارتفاع تكاليف مواد البناء، وارتفاع أسعار الإيجارات دون وضع سقف أعلى لهذه الزيادات من الجهات المعنية، وكذا ارتفاع التكاليف المعيشية الأخرى، وقد أدى ذلك لالتهام أغلب دخول العائلات وبالتالي عدم استطاعتهم شراء وحدات سكنية.
كما أن التحول للاستثمار في القطاع العقاري والنظر إليه على أنه استثمار آمن وضمان مستقبلي مربح وأسعاره تزيد بشكل سنوي، مما يجعله مربحاً أكثر من أي مجال استثماري آخر، عوضاً عن كونه مكاناً للسكن.
إن تضخم سوق العقار بالمملكة، من وجهة نظري، ليس نتاج وجود فجوة بين العرض والطلب، فزيادة العرض لن تحل وحدها مشكلة الأسعار، لأنّ المشكلة ليست فقط في حجم المعروض، بل في احتكار العارضين وقصور المعرفة بالبدائل الاستثمارية الموجودة في هذه البلاد الطاهرة، والتي تساعد الدولة - رعاها الله - في دعمها كالأنشطة الزراعية والصناعية والتعدينية.
لذلك نحن بحاجة لتطوير التنظيمات والتشريعات الإسكانية، وتشجيع الفرص الاستثمارية البديلة، لتساعد في كبح جماح الأسعار بشكل سريع ومؤثر حتى تسير حركة التنمية العمرانية على ما خططت له الدولة، وقبل أن تصل الأزمة السكنية لدرجة تفشل فيها الحلول.
fahdbinsaleh@hotmail.com