Al Jazirah NewsPaper Friday  20/06/2008 G Issue 13049
الجمعة 16 جمادىالآخرة 1429   العدد  13049
مطالب بتعزيز الشفافية في شركات المساهمة العائلية

د. حسن الشقطي(*)

أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 9778 نقطة رابحاً حوالي 90 نقطة، ويأتي هذا الربح في ظل سيطرة مسار أفقي ضيق على حركة المؤشر طيلة أيام الأسبوع في ضوء حالة الخمول التي سادت المتداولين في ظل عدم وجود مستجدات هامة على ساحة السوق لدرجة أن السيولة المتداولة بدأت تنحدر تدريجياً حتى وصلت إلى مستوى 9.8 مليارات ريال في إغلاق الأربعاء الماضي، كما أنه لم يطرأ على السوق هذا الأسبوع تغيرات هامة سوى إعلان هيئة السوق عن إدراج شركة الكيمائية الأساسية يوم الاثنين، ثم إعلانها عن إدراج المتحدة للتأمين بداية من السبت المقبل، وقد ربح سهم الكيمائية الأساسية حوالي 85 ريالاً في يومه الأول، إلا أنه خسر 21 ريالاً منها في اليومين التاليين.. ولكن هذا المسار أثار جدلاً واسعاً، حيث إن الجميع يتساءلون: هل هذا الربح نتيجة لثقة المكتتبين في الوضع المالي للشركة أم نتيجة لتقييد حركة بيع السهم باشتراط دفع 12 ريالاً كعمولة؟ إلا أن الحدث الجوهري هذا الأسبوع هو نشر إعلان حول شراء المملكة القابضة لحوالي 30% من شركة ناس للطيران، هذا الإعلان الذي فتح الجدل من جديد حول مستوى الشفافية في السوق، وقدر الحوكمة المتوافر في الشركات المدرج أسهمها، ومدى تأثير الصبغة العائلية على إمكانية الرقابة على هذه الشركات؟

المؤشر يربح 6.5%

لا جدال في أن الهيكل الجديد قد حقق للسوق قدراً كبيراً من الاستقرار، حيث إنه منذ بداية أبريل الماضي، ومنذ انطلاقه المؤشر من مستوى 9181 نقطة، وهو يسير بهدوء في مسار صاعد ربح فيه حتى الآن حوالي 6.5%.. إلا أنه مع ذلك، فإن المؤشر حتى الآن لم يختبر قدراته الذاتية على الصمود، حيث لم تمر 20 يوماً إلا وهناك اكتتاب جديد، وبالتالي فإن حركة التداول على الدوام ظلت مدفوعة بحافز الإدراجات الأولية للشركات الجديدة.. ومما يقلق البعض في السوق هو معرفتهم أن المتداولين في السوق لا يرتضون إلا بأرباح عالية اعتادوا عليها، وبالتالي فإن وضع المسار الهادئ لا يعتبر مقبولاً لدى طائفة عريضة من المستثمرين، بل قد يعتبر هذا المسار الهادئ حتى وإن كان صاعداً مدعاة للتفكير في البديل لسوق الأسهم، فهم لا يصفونه بالهدوء بقدر ما يعتبرونه خمولاً. ومن جانب آخر، فإنه بعد انتهاء كل إدراج تعود السيولة لحالة الضعف من جديد، بما يثير مخاوف ركود السوق حال انتهاء فورة الاكتتابات.

اشتراطات في تداول سهم الكيميائية الأساسية:

رغم أن الشركة طرحت كمية قليلة من الأسهم (6.6 ملايين سهم)، ورغم أنها طرحتها بعلاوة إصدار20 ريالاً، ورغم أن التخصيص كان ضئيلاً، إلا أنه ظهر قيد جديد يتمثّل في اشتراط أن يدفع المكتتب عمولة تعادل 12 ريالاً إذا رغب في بيع السهم، لتصبح تكلفة السهم 42 ريالاً على المكتتب.. وبالفعل يبدو أن هذا الاشتراط قد تتسبّب في تدوير كامل كمية الأسهم المطروحة (أو الحرة) مرتين في اليوم الأول لإدراج السهم، وبالتالي ربح السهم 85 ريالاً، نتيجة عدم رغبة الكثيرين في التخلي عنه بدافع عدم دفع مبلغ 12 ريالاً.. إنه اشتراط غريب وغير معروف.. وقد برز هنا أمر جديد هو انتقائية الاشتراطات التي باتت تظهر من شركة لأخرى، رغم أنه يفترض أن السوق يخضع لذات الضوابط ونفس الإجراءات مع كافة الأسهم... إن دليل الإجراءات لسوق الأسهم يبدو أنه لم يوثّق بعد، كما أن السوق يبدو في حاجة ماسة لوجود هذا الدليل الموحّد الذي يضع اشتراطات ومعايير ثابتة لطرح وإدراج وتداول كافة الأسهم، إن الخروج عن هذه المعايير يعتبر اختراقاً للنمطية التي يفترض أن تخضع لها كافة الشركات.

تجارة تأسيس الشركات في سوق الأسهم

سوق الأسهم هو قناة رئيسية لتعبئة الموارد المالية المطلوبة للمساعدة في عمليات تمويل التنمية الاقتصادية، وقد قام السوق بدوره على أكمل وجه خلال فترات طويلة ولا يزال يؤدي هذا الدور.. إلا أن الواقع العملي أظهر مؤخراً أن هناك إدراجات من أجل الإدراج.. وهناك أطروحات بهدف الربح الأولى من الطرح.. شركات تطرح وهي صغيرة للغاية، وأخرى تطرح ومؤسسوها يطالبون بعلاوات إصدار، وأخرى تدرج كشركات جديدة ولكن تتحرك أسعارها مكونة فقاعات بنسب تبلغ 1000% في يومها الأول. إن كثيراً من الشركات يبدو أنها تركز جلّ اهتمامها على مجرد إتمام الاكتتاب ونجاح التغطية أكثر من اهتمامها بنشاطها الرئيسي، لأن البعض بات يعتقد (بالخطأ) أن ربحية الشركة في الاكتتاب أهم كثيراً من نشاطها الاستثماري... والسؤال الذى يفرض نفسه: هل كافة الأسهم التي طرحت أو تسعى للطرح مفيدة للاقتصاد الوطني الآن؟ أليس الاقتصاد في حاجة لشركات حديد وأسمنت ومواد بناء وتصنيع غذائي وزراعة أكثر وغيرها لتكملة مشوار التنمية الاقتصادية المستدامة المطلوبة؟ إن واقع الحال يشير الآن إلى أن هناك استنفاداً للموارد المالية المتاحة من الأفراد في شركات ذات أنشطة قد لا تفيد الاقتصاد بالشكل المطلوب أو على الأقل أنها لا تمتلك الأولوية المطلوبة؟

واقع الإدراجات الأخيرة للشركات

الشركات العائلية في سوق الأسهم السعودي يمكن وصفها بالتحول غير الكامل، لأن طرحها في السوق إنما يمثّل شكل من أشكال بيع الشركة والاحتفاظ بها في نفس الوقت، بل إن علاوة الإصدار إنما تحقق المعادلة الصعبة بين الملاّك المؤسسين للشركة وبين المساهمين الجدد للشركة.. فأنت ستساهم في الشركة، ولكن لا علاقة ولا تأثير لك على قراراتها لأن الملاّك القدامى من خلال احتفاظهم بنسبة هامة حتى ولو كانت في حدود النصف، فإنهم سيسيطرون على مجلس الإدارة ومن ثم منصب المدير التنفيذي، وبالتالي فسوف يسيطرون على كافة قرارات الشركة، ولن يصبح هناك قوة كبيرة للجمعية العمومية، بل الأدهى من ذلك أن الشركة تظل كما هي قبل الإدراج وبعد الإدراج بالسوق، ذات المسمى ونفس طريقة الإدارة، وذات الاحتكار.. الأمر الذي يثير التساؤل: ما هو الفارق؟ الفارق الوحيد أن أصحاب الشركة القدامى حصلوا على قيمة شركاتهم مضاعفة، وخاصة في ظل نظامي علاوات الإصدار وبناء سجل الأوامر، فإذا لم يشتر المساهمون الأفراد الأسهم المطروحة غطت الشركات المالية المستقلة التغطية بالنسب المطلوبة، إن نظامي علاوات الإصدار وبناء سجل الأوامر يمتلكان الدور السلبي الأكبر في عدم اختبار إقبال المساهمين من عدمه على العديد من الشركات الجديدة المطروحة، بما يجعل نجاح الطرح والتغطية أمراً مفروغاً منه، وبالشكل الذي لا يقود إلى تفعيل قوى العرض والطلب في توجيه الموارد المالية للشركات الأعلى كفاءة في السوق، وعليه، فإن العديد من الأطروحات، وخاصة للشركات ذات الصبغة العائلية، أصبحت تضع المساهمين أمام وضع يبيع فيه الملاّك شركاتهم بربحية كبيرة، ويحتفظون بها في نفس الوقت بالإبقاء على حصص من هذه الأسهم.



(*) محلِّل اقتصاديHassan14369@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد