قبل أن أدخل في صلب موضوعي اسمحوا لي أن أشيد برجل تربوي بمواصفات ومقاييس وطنية من الدرجة الأولى، هذا الرجل هو الدكتور ماجد الحربي - مدير إدارة المدارس السعودية في الخارج -، وحقيقة فأنا لا أعرف هذا الرجل شخصياً، ولم أقابله قط في حياتي، ولم يسبق لي الإيفاد خارج المملكة للتدريس، ولا أنوي ذلك مستقبلاً، فهل ستُبْعِد هذه (اللاءات) فكرة أنني ربما سأتملق لهذا الرجل؟!

والدكتور الحربي - بحسب مَن تعاملوا معه - هو رجل مخلص، يتميز بوطنية صادقة، ويقدم خدماته لأبناء وطنه بكل تواضع.. فماذا نريد من المسؤولين أكثر من ذلك؟!

والحديث عن سعادته يقودني للحديث عن الموفدين السعوديين للتدريس في الخارج؛ فهؤلاء المواطنون المخلصون الذين يمثلون وطنهم خير تمثيل في مهنة من أعظم المهن رسالة يحتاجون إلى وقفة تأمل في كثير من المنغصات التي تكدر عليهم صفو هذه الفرصة الذهبية التي لم يحصلوا عليها إلا بشق الأنفس - طبعاً سأستبعد فكرة الواسطة قليلاً -، ومَن ينظر إلى مميزات هؤلاء المالية والوظيفية سيكتشف أن ظاهرها الترف وباطنها لا يعلمه إلا هم. تعالوا إلى أولى المنكدات؛ فجميع الموفدين - أتحدث عن وزارة التربية - محرومون من بدل غلاء المعيشة الصادر بقرار مجلس الوزراء بتاريخ 19- 1-1429هـ. ووزارة المالية استثنت هؤلاء من هذا القرار رغم أن صيغة القرار لا تشير من قريب أو من بعيد إلى المواطنين في الداخل أو الخارج، وهل هناك فرق بينهما؟ وهل غلاء المعيشة محصور في بلادنا فقط؟! فالعالم من حولنا يضطرب بالمتغيرات الاقتصادية، وبدل التمثيل الذي يحصل عليه الموفد يختلف بحسب فئات الدول وتصنيفاتها، وكثير من الموفدين عاد من سنته الأولى، وخصوصاً في دول أمريكا وأوروبا، ناهيك عن الدول ذات الفئة الصعبة (سويسرا واليابان)؛ فالأوضاع جداً صعبة من الناحية المالية، ولا بدَّ من النظر في تلك الأنظمة التي تعود أحياناً إلى أكثر من ثلاثين عاماً مضت. ومن المنغصات أيضاً إلغاء بدل العلاج واستبداله بالتأمين الصحي، فلماذا لا يترك الأمر للموفد ليختار بينهما؛ فهناك دول فقيرة جداً مثل بعض دول إفريقيا، خصوصاً أن الخدمات الطبية فيها متدنية؟!

وبقي أن أشير - على السريع - إلى بعض المنغصات مثل منع الموفد من إكمال دراسته العليا، وعدم ثبات سعر الصرف في بعض الدول، وتأخر صرف بدل السكن وغيره، وتفاوت مستوى تعامل السفارات والملحقيات الثقافية السعودية من دولة إلى أخرى في ظل ضعف الثقافة الوظيفية لدى كثير من الموفدين. فيا وزارة المالية ساعدوا هؤلاء الوطنيين، ولا تزيدوهم غربةً على غربتهم.