Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/06/2008 G Issue 13048
الخميس 15 جمادىالآخرة 1429   العدد  13048
معاهدة لشبونة: هل ماتت أم دخلت في غفوة قصيرة؟

لوكسمبورج - بن نيمو

يأمل الكثير من الساسة في الاتحاد الأوروبي أن تحيا (معاهدة لشبونة) التي رفضها الناخبون الايرلنديون في استفتاء جرى يوم الخميس الماضي مما جعل الشكوك تحيط بمصيرها. وأصر وزير الخارجية الفنلندي الكسندر ستوب خلال اجتماع مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج على أن (المعاهدة لم تمت. الاتحاد الأوروبي في حالة إدارة ازمات مستمرة: فما أن يخرج من أزمة حتى يمر بأخرى وفي النهاية يجد حلا). ولكن وإن كان الاجتماع لم يتضمن الكثير من الصراخ فإنه أسرف في إشاعة البلبلة حيث ناقش الوزراء ما إذا كانت هناك بالفعل فرصة لبقاء المعاهدة الخاصة بإصلاح الاتحاد الأوروبي على قيد الحياة. وعلق وزير خارجية سلوفينيا ديمتري روبل الذي ترأس الاجتماع قائلا إن (القول بأننا سنعيد المعاهدة إلى الحياة الان في لحظة الحقيقة هذه ينطوي على مخاطرة. إنه وقت التدبر والتحليل والاصغاء). والسؤال الأساسي الذي يتعين على الاتحاد الأوروبي الآن الإجابة عليه هو ما إذا كان ثمة سبيل لتنفيذ المعاهدة رغم نتائج الاستفتاء الايرلندي. ويحذر محللون من أنه ما لم يحدث ذلك فإن أفضل ما يمكن أن يواجهه الاتحاد الأوروبي هو فترة مؤلمة من المراجعة والتأمل أما الاسوأ فهو تشرذم الكتلة إلى مجموعات فرعية تتعاون مع بعضها بعضا بسرعات متفاوتة وعلى مستويات مختلفة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الاتحاد الأوروبي أزمة عقب رفض معاهداته في استفتاءات عامة. ففي عام 1992 في الدنمارك وفي عام 2001 في أيرلندا رفض الناخبون مشروع دستور للاتحاد الأوروبي. وفي كلتا المناسبتين تم وضع المعاهدات (على الرف) إلى أن يتمكن البلدان محل التساؤل من إقناع ناخبيهم بقول نعم عند إعادة الاستفتاء بعدها بعام واحد. لكن الوقت هذه المرة ليس في صالح الاتحاد الأوروبي. فمعاهدة لشبونة من المفترض أن تدخل حيز التطبيق الفعلي في أول كانون الثاني- يناير عام 2009 الأمر الذي لا يترك لايرلندا فسحة كافية من الوقت للفوز بتنازلات وتنظيم استفتاء جديد حتى إذا قررت الحكومة ذلك وهو أمر غير مؤكد بعد. وفضلا عن ذلك فإن من المقرر أن تتولى جمهورية التشيك الرئاسة الدورية للاتحاد اعتبارا من أول كانون الثاني - يناير القادم.

والمعاهدة مثار جدل شديد هناك الامر الذي يلقي بظلال من الشك حول ما إذا كانت الرئاسة التشيكية ستحصل على التأييد السياسي في الداخل المطلوب لاحياء المعاهدة. وهذا يعني أن الضغوط لحل الازمة ستقع على عاتق فرنسا التي من المقرر أن تتولى رئاسة الاتحاد في أول تموز- يوليو المقبل.

واستثمر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قدرا هائلا من رأسماله السياسي في (معاهدة لشبونة) التي يقول إنها من بنات أفكاره. وفور إعلان نتائج الاستفتاء الايرلندي يوم الجمعة الماضي دعا ساركوزي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل أعضاء الاتحاد الاووبي الثمانية الذين لم يصدقوا على المعاهدة بعد إلى القيام بذلك. وردد هذه الدعوة عدد كبير من شخصيات الاتحاد الأوروبي الذين دفعوا بأنه إذا تم التصديق على المعاهدة من قبل 26 من أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ 27 فإنه قد تكون هناك إمكانية لحل وسط يسمح لايرلندا باعادة التصويت. ولكن في حالة رفض مزيد من الدول للمعاهدة فإنه لن يكون هناك مناص في الغالب من صياغة معاهدة جديدة. ويجعل وجود جماعات ضغط قوية متشككة تجاه أوروبا في بريطانيا وجمهورية التشيك من التصديق على المعاهدة أمر غير مؤكد بالمرة على الرغم من أن رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون تعهد أمس الاثنين بأن بلاده ستصدق عليها. وقد لا يتطلب الامر معجزة ولكن سيتعين على ساركوزي أن يشق طريقه وسط جملة من الصعاب والمشكلات إذا كان يرغب حقا في نهاية سعيدة للاتحاد الأوروبي.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد