توصل إسرائيل وحركة حماس إلى التهدئة التي تنطلق من اليوم يجعل الأحداث في القضية الفلسطينية تعود من جديد إلى دائرة الالتزام بالمواثيق ومدى جدية الأطراف في التزامها على ما تعهدت به، فإسرائيل قد عرف عنها مماطلتها فيما تلتزم به مسبقاً، وحركة حماس أيضا تشترك مع غيرها من فصائل السلاح بوجود فوضوي المقاومة الذين غالباً ما يخرجون عن خط إجماع القرار لخدمة أغراضهم الخاصة وتوظيف الأحداث لمصالحهم الشخصية والحزبية إن لم نقل السياسية بشكل عام، وهذا ما يدعونا إلى القول إن هذه الهدنة يجب أن توظف أولا لأجل رفع المعاناة عن شعب غزة المكلوم والواقع بين سندان الضغط المعيشي ومطرقة بطش آلة الحرب الإسرائيلية، كما أن بها إن صح توظيفها فرصة سانحة لالتقاط الأنفاس والإسراع في لم الشمل الفلسطيني خصوصاً أنها جاءت في تزامن مع زيارة وفد حركة فتح للقطاع من أجل شرح مبادرة الرئيس عباس التي يرجى أن يكون بها من الخير الكثير نحو توحيد الصف الفلسطيني.
فمن الجميل أن ترفع المعاناة عن سكان غزة وتبتعد عنهم يد البطش الإسرائيلية قليلاً، ولكن من الأجمل أن يترافق ذلك مع نجاح زيارة وفد فتح إلى غزة وقيامه بفتح قنوات اتصال مع حركة حماس وغيرها من أطياف الشعب الفلسطيني التي مزقتها الفئوية وتناوشتها التدخلات الإقليمية، حتى أضحى الواقع الفلسطيني بمثابة ساحة لتصفية الحسابات وتوقيع صفقات ما تحت الطاولة بين اللاعبين الدوليين الباحثين عن موطئ أقدام في أحداث البلدان الأخرى.
لم يبقَ أمام الفلسطينيين في تعاملهم مع محتلهم الغاصب إلا الانكفاء على جهود الوحدة الوطنية وتكريسها للمواجهة بها؛ سواء في الحرب أو السلام، فمواجهة عدو متمرس كإسرائيل يحتاج إلى وحدة قرار ووحدة سلاح، وقبل ذلك وحدة فهم وانطباع، وذاك ما يتحقق من خلال خلق مشروع وطني جامع يضفي على الواقع الفلسطيني وشاح التفاهم والاصطفاف جنبا إلى جنب لمواجهة العدو حتى لو اختلفت الايدويولجيات وتباينت الرؤى؛ سواء كان ذلك على طاولة المفاوضات أو في ميدان الكفاح والسلاح.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244