تمثل الأسرة الركيزة الأولى ونقطة البدء في حياة الفرد، ففي مدارها تبنى شخصيته وتحدد، ولها دور أساسي في تكوين شخصيته النفسية والسلوكية، وذلك من خلال التربية الصالحة وغرس المفاهيم والقيم الأخلاقية، وتقديم الرعاية والحب والاهتمام والتوجيه اللازم.
وفي عصرنا الحاضر طرأ على الأسرة تغيرات اجتماعية، وذلك في ظل تداعيات الانفتاح العالمي وما أفرزته من مفاهيم الفردانية والحرية اللامحدودة، أدت إلى التفكك الأسري.
وظاهرة التفكك الأسري من أخطر الظواهر الاجتماعية التي نعاني منها في هذا العصر، والتي تهدد بإحداث شروخ وتصدعات خطيرة في النظام الاجتماعي لاسيما وأن هناك توجها عالميا لتحجيم مؤسسة الأسرة وتهميش دورها الاجتماعي.
ولقد حثنا ديننا الإسلامي على التلاحم والترابط الأسري قال تعالى:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع) يعني قاطع رحم.
والتلاحم والترابط الأسري من مميزات ديننا الحنيف وهدف تسعى إليه تقاليدنا وثقافتنا المحلية، فالنسيج الاجتماعي المترابط هو القاعدة الكبرى في تحقيق سعادة المجتمع واستقراره.
وقد لحقت كثير من المتغيرات بتلك التقاليد مما أدى إلى تفكك ظاهرة التواصل والتراحم والذي كان مجتمعنا يتميز بها، فكثرت ظواهر ونتائج هذا التفكك من عقوق الأبناء للوالدين، وتساهل الآباء مع الأبناء، وكذلك الرفاهية بأشكالها المختلفة، وتغيرت معها وظائف الأسرة، وارتفعت نسبة الطلاق، وتعددت أسباب الجريمة ومظاهر الانحراف والعنف العائلي والجنوح عند الشباب، وضعفت وشائج الأخوة.
إن بعض الأسر يغيب أبناؤها عن البيت ساعات طويلة خلال اليوم بعيداً عن الرعاية والمتابعة مما يفتح أمامهم أبواباً واسعة للانحراف والقيام بالأعمال والسلوكيات الطائشة والمتهورة.
إن إهمال الأبوين لمسؤوليتهما الأسرية ستؤدي بلا شك إلى ضياع الشباب وانحرافهم وشذوذهم وتمردهم على القانون الاجتماعي دفاعاً عن الذات.
والشباب شريحة من أهم شرائح المجتمع، فهم عمادة الأمة ومكمن طاقاتها المبدعة وقوتها الواعدة، والإسلام يعي هذه الحقيقة.