Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/06/2008 G Issue 13048
الخميس 15 جمادىالآخرة 1429   العدد  13048
الدعوة إلى إيجاد بدائل للطاقة
د. أحمد بن صالح العثيم

إن العالم اليوم في حاجة ماسة إلى إيجاد بديل للبترول والذي يعتبر المصدر الأكثر شيوعاً واستخداماً لدى الدول في عملياتها الاقتصادية حيث يتعرض المصدر للفناء لا محالة في يوم من الأيام وهذا ما يجب أن تضعه الدول في اهتماماتها وخاصة الدول العربية التي تعتمد اقتصادياتها على البترول حيث إنها يجب أن تبحث عن مصادر أخرى للدخل أو بمعنى أوضح تنوع مصادر دخلها وبالتالي أصبح العالم أمام حقيقة واضحة ذات بعدين متمثلة في ارتفاع أسعار البترول بشكل كبير مما يؤثر على اقتصاديات الدول المستوردة للبترول ويمثل إفادة للاقتصاديات المصدرة له ولكن هذا سيكون لفترة مستقبلية ربما تكون قصيرة.

أما البعد الآخر فيمتثل في اتجاه البترول إلى النضوب حيث إن الاحتياطيات البترولية سينخفض مع كثرة الاستهلاك والذي بلغ ذروته في الفترة الأخيرة.

وتشير العديد من الإحصائيات إلى أن احتياطي العالم من البترول يكفي وفقاً لمعدل الاستهلاك الحالي 40 عاماً.

ومع افتراض صحة هذه الإحصائيات فإن استخراج البترول سيبلغ الذروة خلال 15 عاماً المقبلة ثم يتجه إلى الانخفاض وبالتالي فإنه إذا لم يتمكن العالم منذ الآن من ترشيد استهلاك البترول والتحول التدريجي إلى مصادر أخرى للطاقة وذلك بصرف النظر عن سعر البترول فإن العالم سوف يواجه مشكلة المطالبة بزيادة الإنتاج من البترول.

وتشير الكتابات الجادة إلى أن إيجاد بديل للبترول أصبح أمراً ملحاً وضرورياً حتى لو انخفض سعر البرميل إلى أقل من تكلفته وذلك لأن البترول معرض للنضوب.

وتشير البيانات إلى أن سعر البرميل قد تجاوز 60 دولاراً للبرميل ووصل لحوالي 70 دولاراً للبرميل ووفقاً للبنك الدولي فلقد أشار إلى أن أسعار البترول سوف تتزايد بشكل فلكي قد يصل إلى 100 دولار للبرميل وذلك نتيجة تزايد الحاجة له وتراجع معدلات الإنتاج خلال السنوات القليلة المقبلة.

كما أن المناداة إلى البحث عن بدائل للبترول بات من القريب أن ينضب ينبع من النمو السريع للسكان على مستوى العالم وما يترتب عليه من زيادة استهلاك البترول.

لذلك يمكن حصر أسباب البحث عن مصادر بديلة للطاقة في الآتي:

- بالنسبة للدول المستوردة للبترول فعليها أن تتخلص من عبء ارتفاع أسعار البترول وطفراته الحادة لما له من آثار سلبية على أي دولة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً لأن البترول هو عصب الحياة في كافة المجالات.

- رغبة الدول في عدم استخدام البترول كوسيلة للضغط أو بمعنى أدق سلاحاً اقتصادياً أو سياسياً على الدول الغربية.

- القلق العالمي المتزايد من نضوب البترول أو نفاذ احتياطياته.

- التخلص من الآثار السلبية للبترول على البيئة.

ويلاحظ أن العديد من الدول الأوروبية مثل أمريكا واليابان وألمانيا وانجلترا قد حققت نجاحات ملموسة في مجال إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها.

ولقد أشارت الإحصائيات الخاصة بالاستهلاك العالمي للطاقة

- إن النفط الخام يغطي حالياً ما يقرب من 36% من الاحتياجات العالمية.

- إن الغاز الطبيعي يغطي ما يقرب من 24% من الاحتياجات العالمية.

- إن الفحم الحجري يغطي ما يقرب من 25% من الاحتياجات العالمية.

- المصادر المتجددة الأخرى تغطي 15%.

وتشير التوقعات إلى أن مساهمة المصادر الجديدة للطاقة من الاحتياجات العالمية سوف تصل إلى 30% بحلول عام 2030م.

وبالتالي فإن العالم في اتجاهه المستقبلي لن يكون في مصلحة البترول وسيصبح في صالح المصادر الجديدة للطاقة مثل الطاقة الحيوية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه وذلك على الرغم من أن المصادر الجديدة لازالت في مرحلة التطوير كما أنها تحتاج إلى تكاليف مرتفعة كما يصعب أحياناً تخزينها وتطلب ظروف مناخية مناسبة.

وذلك عكس البترول حيث إنه سهل التخزين ويصلح في جميع الأحوال إلا أن ارتباطه بحقيقة لا يمكن إنكارها وهي إنه يتجه إلى النضوب وجفاف منابعه فإن ذلك سوف يوجه الكفة لصالح المصادر الجديدة للطاقة.

أما الدول العربية التي تعتمد على النفط كمصدر هام للدخل فلابد على هذه الدول أن تجهز نفسها لزمن النفط ومن الدول التي انتبهت لمثل هذه الحقيقة منذ فترة واتخذت خطوات في هذا الاتجاه هي السعودية والإمارات وقطر.

أهم مصادر الطاقة الجديدة

الطاقة الشمسية تعد الأوفر حظاً بالمقارنة مع مصادر الطاقة الأخرى المنتظرة وذلك لأن الطاقة الشمسية لا تنضب إلا بانتهاء الكون كما أنها طاقة نظيفة وطاقة متوفرة وليس لها ثمن ويمكن استخدامها في العديد من المجالات منها:

- التسخين والتدفئة.

- توليد الكهرباء.

- تشغيل المحركات.

- تحلية المياه.

- الاستخدامات الزراعية.

لذلك يجب على الدول المنتجة والمصدرة للبترول أن تستفيد من كل قرش منه الآن وتستخدمه في بناء أنفسهم للمستقبل لإيجاد البديل والاستثمار فيه بدلاً من أن يدفعهم إلى التراخي والكسل حيث أن البترول يتجه إلى النضوب.

حيث تشير التوقعات والإحصائيات إلى الآتي:

- إن استهلاك البترول يزداد بمعدل 2% في الوقت الذي ينضب فيه بمقدار 3% وهذا يعني أن استهلاك البترول يتزايد بشكل كبير لا يتناسب مع ما يتم إنتاجه.

- وبالتالي لن تتمكن الدول المنتجة للبترول من تغطية هذا العجز.

- بلغ استهلاك البترول السنوي عام 2004 ما يقرب من 29 مليار برميل ومن المتوقع أن يصل إلى 42 مليار برميل عام 2020م.

- يبلغ احتياطي البترول الحالي 1200 مليار برميل ولو بقي الاستهلاك كما هو الآن دون زيادة فإنه سوف يستهلك الاحتياطي في غضون أربعين عاماً ولكن هذا لن يحدث لأن استهلاك البترول يتجه إلى التزايد فلقد ارتفع استهلاك دول الشرق الأوسط في الربع الأول من عام 2004 بمقدار 18% كما أن الصين يتزايد استهلاكها من البترول والذي بلغ 5.6 مليون برميل يومياً.

- لذلك نجد أن دولة مثل الإمارات قد أدركت هذه الحقيقة وهي اتجاه البترول إلى النضوب فعلى الرغم من أن الإمارات تمتلك احتياطيات نفط جيدة إلا أنها اقتنعت أن الطاقة المتجددة هي المستقبل ولا يجب النظر إلى الطاقة المتجددة على أنها بديل فقط ولكن يجب أن ينظر إليها أيضاً كخيار أنظف وأفضل.

وتشير التقديرات إلى أن الإمارات سوف تعتمد نصف الطاقة المطلوبة منها على مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2050 وستكون الطاقة الشمسية لها نصيب الأسد لما تتمتع به من أنها مصدر نظيف وفقاً للشروط البيئية.

ويلاحظ أن الإمارات تستقبل 300 يوم مشمس في السنة لذلك فإن الطاقة الشمسية هي المصدر الرئيسي ويلاحظ أن استخدام الطاقة الشمسية في الإمارات يزيد ببطء في صورة عوامات إرشاد السفن البعيدة عن الشاطئ وعدادات الانتظار في دبي أو التدفئة في بعض الفنادق ويلاحظ أن أول مبنى في الشرق الأوسط يستخدم الطاقة الشمسية لتبريد المبنى نهاراً هو مجمع سكني يكون من 100 شقة في دبي أدى إلى انخفاض فواتير المرافق بنسبة الثلث. كما أن أحد الفنادق في دبي يعتمد حالياً على الطاقة الشمسية في توفير احتياجاته من الماء الساخن التي تبلغ 25 ألف لتر في اليوم ولقد استعاد الفندق مبلغ التكلفة الأولية خلال 4 سنوات والآن تبلغ مدخراتهم من تكاليف الطاقة 100%.

وفي السعودية ثم استخدام أيضاً الطاقة الشمسية في إضاءة حقول البترول وحماية خطوط الأنابيب وإضاءة الإعلانات والعلامات المرورية مما يوفر من استهلاك الطاقة الكهربائية والتي تتكلف كثيراً. ونخلص من ذلك هو أن العالم لابد وأن يبحث عن بدائل أخرى للبترول تكون أرخص وأنظف وإن كانت المصادر المتجددة للطاقة سوف تتكلف مبالغ باهظة إلا أن العائد من هذه المشروعات سوف تعطي ثمارها في وقت قصير حيث إن استخدام مصادر الطاقة المتجددة سوف يقلل من التكاليف التي كان يتم إنفاقها في حالة استخدام البترول ومشتقاته أو الكهرباء أو بمعنى أدق المصادر غير متجدد.



asa5533@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد