ولئن شئنا بسط كل مشكلة لأنفقنا من الزمن ما لا يستوعب مشكلات الإنسان... وجميعها تتشابه في العموم وتتفاوت في الجزيئات وتختلف في التفاصيل... ويبقى لكل مشكلة أسبابها ودوافعها ومن ثم نتائجها وفق ما يتاح لها من حلول تنبثق من شخصيات من يتعامل معها وخلفياتهم الثقافية وأخلاقهم وطرق تفكيرهم وأساليب معالجتهم لها...
والمشكلة التي تخضع للعاطفة إما أن تحل بسلام وإما أن تتمادى في دهاليز مظلمة... ومع أن الحلم ما داخل عقدة إلا ساعد في فكها لما يمنحه لصاحبها أو من يتصدى لها من سعة الجنان وأريحية التأني... لكن يبقى للمشكلات التي طرحت نقاط التقاء بمثل ما يلتقي الناس في محطات الحياة هم يلتقون في مواقف التجارب...
نخلص من النماذج السابقة إلى النقاط التالية في أسباب المشكلات المؤدية للطلاق:
+++ عدم اختيار الطرف المناسب للآخر..
+++ عدم التكافؤ المادي والثقافي.
+++ عدم التأكد من أسباب الزواج في حالة مماثلة لحالة (ف.ع. م.).
+++ عدم القدرة على تهيئة الحياة الزوجية في أدنى صور المعيشة الطيبة.
+++ عدم التحلي بالخلق والأمانة.
+++ الفهم الخاطيء للولاية والقوامة.
+++ تدخل أطراف خارجية كالأهل والصحب والميل مع الطرف الذي يخصهم.
والمشكلات التي تنشأ بين الأزواج منبثقة من هذه النافذ تحتاج إلى سدها ورتقها بالعقل والعودة إلى رأي حصيف وموقف جاد وحكم لا جور فيه على أحد الطرفين... فإن لم يتهيأ الحل من حكمين من الأهل فلا بأس أن يكونا من الأصدقاء الخلص ذوي الرجاحة في العقل... أما الميل إلى الصمت وكتم الأمور وتحمل تبعات المشكلات فإنه يزيد من نارها ويضرمها أتوناً حارقاً لكل شيء... وتلك من آثار الثقافة القيمية التي نشأ عليها الفرد وتحديداً المرأة بكتم أمورها والصبر على حياتها... ولئن كان الصبر المقتدر عليه مطلوباً إلا أن الوصول به إلى نفق لا بصيص من نور بعده لا يتقبله العقل ولا يقره الشرع... فالعلاقات الزوجية ذات ضوابط نزلت في محكم كتاب الله...
ولا أحسب أن المطالبة بالعودة إلى هذه الضوابط وتنفيذها واتخاذ الحلول منها كلام عابر لا قيمة له... لذا ننشد أن ينهل المربون من معين الخلق العظيم الذي ربى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الرعيل الأول ونهج مقتديا بهم من تبعهم وكان هناك طعم للصبر على منغصات الحياة... أما وإن المنغصات الآن ليست التي يصبر عليها لأنها لا تأتي عفو ابتلاء يعترض البشر... وإنما هي نتيجة سوء اختيارمنهم وتفريط في واجب وتعد على حقوق...
لذا فإن أول ضوابط الإحكام لهذه الانفلاتة السلوكية التي اعترت الكثير من الناس ونشرت المآسي في البيوت وفي الصدور هو أن تتحقق العودة لتنشئة سليمة قويمة حكيمة واعية مهتدية بشريعة الله في حدود وقيود معاملات البشر وتحديداً عند قيام الأسر التي هي المحاضن والمصانع.
ولعل المحاكم أن تضع برنامجاً يومياً سريع التلقي لمشكلات الأفراد من الأزواج المتضررين وتبت عاجلاً في شأن مشكلاتهم حتى لا تطول بهم الأسى وتتبدد آمالهم وتتفاقم أساليب تعديهم على بعضهم.. ضماناً للأبناء... وعناية بالنساء.. وعونا لخلاص الرجال من تفريط اتسم بالعفوية والجهل أو بالتركيبة والتنشئة والطبع... بل رحمة بالجميع.
(يتبع)