Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/06/2008 G Issue 13048
الخميس 15 جمادىالآخرة 1429   العدد  13048
النمو.. الدولار.. الضرائب.. والخوف من إغلاق حقول تكساس أبرز الأسباب
الدول المنتجة تؤكد براءتها من إرتفاع أسعار النفط

الرياض - الجزائر - الدوحة - دبي - د.ب.أ - من - عبد الله الشهري، يوسف تازير، طارق الشيخ، وأحمد هاشم

مع كل زيادة في أسعار النفط العالمية تتجه الأنظار إلى المنطقة العربية نظراً لأن الجزء الأكبر من إمدادات النفط في العالم يخرج منها.

فالمستهلكون في الدول الغربية والصناعية الكبرى يسارعون بتوجيه أصابع الاتهام إلى الدول المنتجة للنفط قائلين إنها قادرة على زيادة الإنتاج بما يساعد في الحد من الارتفاع الصاروخي لأسعار النفط العالمية في حين يرى آخرون أن أسعار النفط خرجت تماماً عن السيطرة وتحتاج إلى ما هو أكثر بكثير من مجرد زيادة الإنتاج لكي تستعيد السوق توازنها.

أما المسئولون والخبراء في الدول المنتجة للنفط فيرون أن الإمدادات في الأسواق كافية وأن الأسعار المرتفعة حالياً ليست سوى نتيجة لعوامل لا علاقة لها بآليات العرض والطلب بقدر ما ترتبط بالمضاربات والظروف الإستراتيجية والسياسية في العالم.

وانطلاقاً من هذه الرؤية أكدت الجزائر رفضها لفكرة الزيادة في إنتاجها النفطي لأنه ليس هناك ما يبرر الإقدام على هذه الخطوة.

واستبعد وزير الطاقة والمناجم ورئيس منظمة أوبك شكيب خليل في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن تزيد بلاده ومعها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنتاجهما موضحاً أنه لا توجد حاجة إلى هذه الخطوة خاصة وأن العرض يفوق الطلب بمقدار 500 ألف برميل يومياً وأن المخزون لدى الدول المستهلكة كافٍ لتلبية الاحتياجات.

وأرجع الوزير الجزائري ارتفاع أسعار النفط إلى المضاربة والعوامل الجيوسياسية خاصة في منطقة الشرق الأوسط والأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة وتأثيرها على قيمة الدولار.

أما الخبير الاقتصادي الجزائري عبد الرحمن مبتول فحدد أسباب ارتفاع أسعار النفط بخمسة عوامل، أولها نمو الاقتصاد العالمي خاصة في الصين والهند وروسيا وتأثيره على زيادة الاستهلاك المحلي لتلك الدول، وثانيها تراجع الدولار أمام اليورو بنسبة %50 منذ عام 2000 علما أن 90% من الصادرات النفطية و75% من حركة التجارة العالمية تتم بالدولار.

وأضاف مبتول أن ثالث العوامل هو الضريبة على استهلاك المحروقات في الدول المتقدمة ثم اختلال الطلب والعرض نتيجة المضاربة. وآخر هذه العوامل من وجهة نظر الخبير الاقتصادي الجزائري هو عدم رغبة الشركات المتعددة الجنسيات والولايات المتحدة في سعر برميل نفط (منخفض) لأن ذلك سيؤدي إلى غلق عدد كبير من حقول النفط بتكساس.

أما الخبير الدولي في مجال اقتصاديات الطاقة عبد الحق لعميري فيرجع الأسباب إلى عدم التوازن في العرض والطلب الناجم عن ارتفاع الاستهلاك لدى الهند والصين بنسبة 10% سنوياً وتراجع الاستثمار في تكرير النفط الذي يؤدي إلى زيادة في مخزونات النفط ونقص الوقود.

ولما كانت السعودية صاحبة الدعوة إلى عقد اجتماع دولي للنفط في جدة فقد كان من المهم استطلاع رأي صناع القرار (النفطي) في الرياض حيث أكد مصدر نفطي رفيع المستوى وجهة النظر الجزائرية بشأن أسباب ارتفاع الأسعار ومنها (ضعف الدولار واستمرار فرض الدول المستهلكة ضرائب على المحروقات كوسيلة لخفض الأسعار إضافة إلى أسباب جيوسياسية واستمرار المضاربة والاستثمار في أسواق النفط). وتساءل المصدر في تصريحات ل (د.ب.أ) طالباً عدم ذكر اسمه: (لماذا نرفع من إنتاجنا لكسب رضا المستهلكين في الوقت الذي تتراجع قيمة الدولار الأمريكي؟) وفي ضوء هذه المعطيات يستبعد المراقبون أن تقدم الدول المنتجة أي تعهدات بزيادة إنتاجها النفطي خلال اجتماع جدة يوم الأحد المقبل رغم أن السعودية أكبر منتج تعهدت برفع إنتاجها في يوليو المقبل بعد أن رفعته بالفعل 300 ألف برميل يومياً هذا الشهر لمواجهة الارتفاع القياسي في الأسعار.

ورفض المصدر الخليجي اتهام منظمة أوبك على الدوام بأنها السبب وراء ارتفاع أسعار النفط التي زادت بواقع خمسة أمثال منذ عام 2003 بسبب عدم زيادة إنتاجها وقال: (هذه الأزمة تعود إلى المضاربين ومشكلات التكرير في الولايات المتحدة والتوترات الجيوسياسية).

في المقابل قال دبلوماسي غربي في الرياض ل (د.ب.أ) إنه لا يزال هناك خيارات جيدة للحصول على مصادر إنتاج جديدة لاسيما إذا ما بدأ التنقيب في خليج المكسيك وسواحل أمريكا على الأطلسي الذي سيمكن من الحصول على قرابة مليوني برميل يومياً بالإضافة إلى الحصول على إمدادات كبيرة من الغاز الطبيعي.

ورغم أن شركات التكرير الآسيوية تحجم على ما يبدو عن قبول كميات إضافية فوق الكميات الشهرية التي تحصل عليها إلا أن العديد منها لاسيما في الصين والهند زاد الواردات من نفط الشرق الأوسط على أساس سنوي وهو ما يقلل ضرورة إجراء تعديلات شهرية. وأظهرت بيانات أن السعودية زادت الصادرات إلى شمال آسيا في الربع الأول بواقع 200 ألف برميل يومياً مقارنة مع الربع السابق وبواقع 300 ألف برميل يومياً مقارنة مع الفترة ذاتها قبل عام عندما خفضت الإنتاج تمشياً مع سياسة أوبك.

وفي العاصمة القطرية الدوحة تظل الأسعار المرتفعة للنفط تثير جدلاً وأسئلة بين المستهلكين والمنتجين على السواء في كل أنحاء العالم.

وترى قطر ممثلة في عبدالله بن حمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الطاقة والصناعة أن استقرار السوق هو مسئولية مشتركة بين المنتجين والمستهلكين.

ويعتبر العطية أن ارتفاع الأسعار وتقلبات السوق ليست في مصلحة المنتجين والمستهلكين ولكنها تخدم مصالح المضاربين وحدهم.

وفي ضوء الأزمة الراهنة المتمثلة في الارتفاع الكبير في أسعار النفط فقد حمل العطية المضاربين في أسواق النفط المسئولية في الارتفاع الكبير في الأسعار التي تفوق في تأثيرها كثيراً قوانين السوق الأساسية من العرض والطلب.

وقال المسئول القطري إن ارتفاع الأسعار في ظل قدرة شرائية محدودة لقيمة برميل النفط ليست في مصلحة أحد، مضيفاً: (نحن جميعاً نحاول التوصل لتلبية الطلب المتزايد ليس فقط بالاستثمار من أجل رفع قدراتنا الإنتاجية بل أيضاً بتوفير مصادر طاقة أخرى نظيفة من الغاز في كل أشكاله الممكنة من أجل تقليص ضغط الطلب على الطاقة).

من ناحيته قال محمد صالح السادة وزير الدولة بوزارة الطاقة والصناعة القطرية ل (د.ب.أ) إن قطر لا ترى أن هناك نقصاً في كميات النفط المعروضة في الأسواق، (لو أن هناك نقصاً لرأينا معاناة الدول المستهلكة متمثلة في طوابير أمام محطات ومستودعات النفط).

أما رمزي سلمان مستشار النفط بوزارة الطاقة القطرية فقد قال ل (د.ب.أ) إن اجتماع جدة الذي سيجمع بين المنتجين والمستهلكين سيدرس إمكانية زيادة الإنتاج، مشيراً إلى أن الجزائر أعلنت أن لديها كميات غير مباعة من النفط في حين أن كل المنتجين لم ترد إليهم طلبات للنفط مما يعني أن السوق فيه نفط كافٍ.

وأضاف أن ارتفاع الأسعار لابد وأن يؤثر على الطلب الذي بدأ في الانخفاض منذ بداية العام.

وقال سلمان إن الاستهلاك ينخفض في كل دول العالم ومعدلات النمو أخذت في التراجع (ولكن بسبب عامل الوقت الفاصل بين شراء النفط الخام وتوزيعه كمنتجات والذي يصل إلى ما بين ثلاثة إلى أربعة أشهر يقل الاستهلاك الفردي والصناعي).

وقال رمزي إن الأمر لا يتعلق بكمية المعروض بكل تأكيد، ومضى محذراً من التخوف الفعلي من المستقبل حيث تحولت أسواق عقود النفط المستقبلية من أسواق تجارية إلى أسواق استثمارية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام ودخلت السوق مبالغ هائلة وصلت إلى 70 مليار دولار دخلت أسواق التجارة الورقية من قبل صناديق الاستثمار وفي مدة ثلاثة أشهر فقط.

وأوضح أن (المضاربين ليسوا هم أصحاب المصافي أو المنتجين وإنما هم مراهنون ومجازفون وغالباً ما تكون تلك الأموال لغيرهم.. بموجب أساسيات تجارة النفط من عرض وطلب وتكلفة الإنتاج والبدائل وأسعار التكلفة فإن سعر النفط المبرر هو بين 60 إلى 80 دولاراً للبرميل لا أكثر).

واختتم حديثه بالقول إن مستقبل الأسعار يتوقف على خروج المضاربين من الأسواق مضيفاً أن الجميع في انتظار أن (يترك المضاربون السوق (النفطية) ويتحولوا إلى أمور أخرى وقسم منهم تحول بالفعل إلى المواد الغذائية الآن).




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد