Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/06/2008 G Issue 13048
الخميس 15 جمادىالآخرة 1429   العدد  13048
أضواء
الرقص والغناء للاجئين
جاسر عبدالعزيز الجاسر

من المضحك المبكي أن تحتفل بالمأساة والألم، فالأسرة الدولية استساغت مسرح اللامعقول، لتقوم بين الحين والآخر بتخصيص يوم للاحتفال بذكرى حزينة أو للتذكير بمأساة يعيشها جزء من البشر، ومن هذه المآسي والآلام، الاحتفالات التي تزمع مكاتب الأمم المتحدة في أكثر من عاصمة بالاحتفال ل(تحية ملايين اللاجئين حول العالم).

الاحتفال حدد له غداً الجمعة 20 حزيران الحالي، والاحتفالات -كما يقول منشور صحفي صادر عن المكتب الاعلامي لمنظمة الأمم المتحدة في بيروت- ستكون فرصة للاجئين وهم في المنطقة العربية من العراقيين والسودانيين والصوماليين إضافة إلى الفلسطينيين لإظهار مواهبهم والتعبير عن ثقافاتهم من خلال الفن والموسيقى والشعر والرقص..!!

ما هذا.. هل هو نوع من الكوميديا الساخرة، يطلبون من اللاجئين التذكير بمأساتهم بالرقص والغناء والموسيقى..!!

ماذا يعني هذا..؟

يعني أن الذين يقولون إنهم مهتمون بقضايا اللاجئين لا يعرفون شيئاً عن معاناة ومآسي هؤلاء اللاجئين ولن يضيفوا شيئاً بالحديث عن الآلام والمشكلات التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون، فالفلسطينيون أصبح الألم مصاحباً لهم والمشكلات ترافقهم حتى في الأراضي التي سلمت لهم بموجب اتفاقيات أوسلو.

أما اللاجئون الجدد من العراقيين والصوماليين والسودانيين فهم (جدد) على مسألة اللجوء وخصوصاً العراقيون الذين كانت بلادهم مأوى للذين يطلبون اللجوء، بل وحتى العمل والعيش الهنيء، ويظهر أن توجيه مكاتب الأمم المتحدة لهم للاحتفال بتحويلهم إلى لاجئين وتخليد هذا التحول بالرقص والغناء، وسيلة رائعة لجلد الذات واجترار المرارة والألم.

أيضاً سيكون للسودانيين والصوماليين نصيب من الرقص والغناء، وإذا كان العراقيون معروفون بالغناء الحزين والموالات و(الأبوذية) والمقامات التي تستدر الدموع من العيون فتحول (احتفالات) الأمم المتحدة إلى مناحات، فإن السودانيين والصوماليين يجيدون الرقص الإفريقي الذي يصل عند الذروة إلى ما يشبه السمو الروحي والصوفي بحيث يتحول اللاجئ الإفريقي إلى صورة تجسد الألم والحرمان الذي يعيشه اللاجئون.. الألم من المرض والجوع.. والحرمان بالبعد عن البلد.

أكثر من 26 مليون لاجئ منتشرون في أنحاء المعمورة سيحيون ذكراهم بالرقص والغناء مستغنين عن الطعام والملاذ الآمن، بعد أن تخلت القلوب الرحيمة عن منحهم اللجوء وقترت عليهم بالطعام، وعليهم أن ينسوا آلامهم بالنواح (عفواً) بالغناء والرقص علهم يذوبون في وجدان الموسيقى التي يعتقد موظفو الأمم المتحدة أنها ستغنيهم عن الجوع.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد