Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/06/2008 G Issue 13048
الخميس 15 جمادىالآخرة 1429   العدد  13048

نحاة شعراء
أ.د عبدالكريم محمد الأسعد

 

تميز بعض النحويين في العديد من البلدان وفي كل الأزمان ومن مختلف المدارس النحوية بأنهم كانوا في الوقت نفسه شعراء من مستوى جيد، وسنمثّل لهم ولأشعارهم بما يأتي:

- نوَّه الخليل بن أحمد المتوفى سنة 160هـ بفضل كتابي عيسى بن عمر في النحول (الجامع) و(الإكمال) بقوله:

ذَهَبَ النحو جميعاً كلُّه

غيرما ألَّفَ عيسى بن عمر

ذاك إكمال وهذا جامع

فهُما للناس شمس وقمر

- وجّه والي فارس والأهواز سليمان بن علي رسولاً للخليل لتأديب ولده مقابل أجر كبير فرفض الخليل وقال للرسول:

أبلغ سليمان أنّي عنه في سعَةٍ

وفي غنى غير أنّي لستُ ذا مالِ

- تمثل سيبويه المتوفى سنة 180هـ عند موته بقوله:

يؤمِّلُ دنيا ليبقى بها

فمات المؤمِّل قبل الأمل

- وَضَعَ سيبويه رأسه في حجر أخيه لما اعتلّ فبكى أخوه حين رأى ما به فقطرتْ من عينه قطرة على وجه سيبويه ففتح عينيه فرآه يبكي فقال:

أخيَّيْن كنّا فرَّقَ الدهرُ بيننا

إلى الأمد الأقصى ومن يأمنُ الدّهرا

- قال اليزيدي المتوفى سنة 202هـ في هجاء الكسائي وأصحابه الكوفيين:

كنّا نقيس النحو فيما مضى

على لسان العرب الأوّل

فجاءنا قوم يقيسونه

على لُغَى أشياخ قطْربّلِ

إن الكسائي وأصحابه

يرقون بالنحو إلى أسفل

- وقال ابنه النحوي أيضاً المتوفى سنة 225هـ:

أنا المذنب الخطّاء والعفو واسع

ولو لم يكن ذنب لما عُرف العفو

- قال أحد النحاة يهجو التَّوزي النحوي والمتوفى سنة 233هـ:

يا مَنْ يزيدُ تمقّتاً

وتبغُّضاً في كل لحظه

والله لو كنت الخليلَ

لما كتبنا عنك لفظه

- قال ابن السكّيت المتوفى سنة 243هـ:

ومن الناس مَنْ يُحبّك حبّاً

ظاهر الحبّ ليس بالتقصير

فإذا ما سألته نصفَ فِلس

ألحَقَ الحبّ باللطيف الخبير

- قال المازني المتوفى سنة 247هـ:

شيئان يعجز ذو الرياضة عنهما

رأيُ النساءِ وإمْرة الصّبيان

- قال السجستاني المتوفى سنة 250هـ:

كبِدَ الحسودِ تَقَطَّعي

قد باتَ مَنْ أهْوى معي

- قال الرِّياشي المتوفى سنة 257هـ:

شِفاءُ العَمَى حُسْنُ السؤال وإنّما

يُطيل العَمَى طولُ السكوتِ على الجهل

فكن سائلاً عمّا عَناكَ فإنّما

خُلقْتَ أخاَ عقلٍ لتسألَ بالعقلِ

- تبرّم المبرِّد بكسر الراء المتوفى سنة 285 هـ بمن يفتحونها بقوله:

والكسرُ في راء المبرّد واجب

وبغير هذا ينطق الجهلاء

- وعاد إلى الدفاع عن الفتح بقوله:

لا تَكْرهَني لقباً شُهِرْتَ به

فَلَرُبَّ محظوظ من اللّقب

قد كان لُقِّب مرّة رجلُ

بالوائليّ فعُدَّ في العرب

- وهجا المبرّد ثَعْلَباً بقوله:

رُبَّ من يعنيه حالي

وهو لا يجري ببالي

قلبُهُ ملآنُ منّي

وفؤادي منه (خَالٍ)

- قال الزّجاح المتوفى سنة 311هـ بعد أن قَلَبَ عليه بعض الصبيان ماءً في الطريق:

إذا قَلَّ ماءُ الوجه قَلَّ حياؤُه

ولا خيرَ في وَجْهٍ إذا قَلَّ ماؤُهُ

- هجا نِفْطَويه المتوفى سنة 323هـ ابن دريد بقوله:

ابنُ دريد بقره

وفيه لؤمُ وشَره

قد ادّعى بجهله

وَضْعَ كتاب الجمهره

وهو كتاب العين إلا

أنّه قد غيَّره

وقد أجابه ابن دريد بقوله:

أُفّ على النحو وأربابه

قد صار من أربابه نفطويه

أحرقه الله بنصف اسمه

وصيَّر الباقي صراخاً عليه

- وقال نفطويه أيضاً:

كم قد خَلَوتُ بِمنْ أهوَى فيمنعُني

منه الحياء وخوفُ الله والحَذَرُ

وكم ظفرتُ بمن أهوى فيقنعني

منه الفكاهة والتحديث والنظرُ

أهوى المِلاح وأهوى أن أجالسهم

وليس لي في حرام منهم وَطَرُ

كذلك الحبّ، لا إتيان معصية

لا خير في لذَّة من بعدها سقَرُ

- ومن شعره كذلك:

أستغفر الله ممّا يعلم اللهُ

إن الشَّقيّ لَمَنْ لم يَرْحم اللهُ

هَبْهُ تجاوز لي عن كلّ مظْلَمةٍ

وا سوأتا من حياتي يوم ألقاهُ

- قال ابن لنكك معاصر المتنبي:

يعيب الناس كلّهم الزّمانا

وما لزماننا عيب سوانا

نعيب زماننا والعيب فينا

ولو نَطَقَ الزمان إذاً هجانا

ذئاب كلّنا في خلق ناسٍ

فسبحان الذي فيه برانا

يعافُ الذئب يأكل لحم ذئب

ويأكلُ بعضنا بعضاً عِيَانا

- وقال أيضاً:

زمان قد تفرَّغَ للفُضول

فسوّد كل ذي حمق جَهولِ

إذا أحييتُمُ فيه ارتفاعاً

فكونوا جاهلين بلا عقول

- وله كذلك:

الدّهر دهرُ عجيب

منه الوليد يشيب

العير فوق الثريا

وفي الوهادِ الأريب

- وله:

حِرْمانُ ذي أدبٍ وحظوة جاهلٍ

أمران بينهما العقولُ تحيَّرُ

الأرذلون بغبطةٍ وسعادةٍ

والأفضلون قلوبُهم تتفطّرُ

- قال أحد النحاة يهجو النحوي مَبْرمان المتوفي سنة 345هـ:

صداعُ من كلامكَ يعترينا

وما فيه لمستمع بيانُ

مكابرة ومَخْرقة وبَهْتُ

لقد أبرقنا يا مبرمان

- قال أبو علي الفارسي المتوفى سنة 377هـ:

خَضَبتُ الشّيبَ لما كان عيباً

وخَضْبُ الشّيب أولَى أن يُعابا

ولم أخضبِ مخافة هَجْر خلٍّ

ولا عيباً خشيتُ ولا عتابا

ولكن المشيبَ بدا ذميماً

فصيرتُ الخضاب له عقابا

- قال ابن خالويه المتوفى سنة 390هـ:

إذا لم يكن صَدْرُ المجالِس سيّداً

فلا خيرَ فيمن صَدَّرتْه المجالسُ

وكم قائلٍ مالي رأيتُك راجِلاً

فقلت له من أجل أنّك فارسُ

- وقال أيضاً:

الجود طبعي ولكن ليس لي مالُ

فكيف يبذل مَنْ بالقرض يحتال

- قال ابن جني المتوفى سنة 392هـ:

فإن أصْبِح بلا نَسَبٍ

فَعِلْمي في الورى نَسَبي

- وقال في عتاب صديق له:

صدودك عنّي ولا ذنبَ لي

يدلّ على نيّة فاسده

وقد (وحياتِكَ) ممّا بكيتُ

خشيتُ على عيني الواحده

ولولا مخافةُ ألاّ أراك

لما كان لي في تركها فائده

- قال الخطيب التبريزي المتوفى سنة 205هـ:

فمن يسأم من الأسفار يوماً

فإنّي قد سئمتُ من المقام

- قال ابن الخشّاب المتوفى سنة 567هـ في وصْف الشمعة:

صفراءُ لا مِنْ سَقَم مسَّها

كيف وكانت أمُّها الشافيه

عريانة باطنها مكْتسٍ

فاعْجبْ لها كاسية عاريه

- قال ملك النحاة المتوفى سنة 568هـ:

حَنَانيك إذ جاءتك يوماً خصائصي

وهالَكَ أصنافُ الكلام المسخّر

فسَلْ منصِفاً عن قالتي غير جائر

يُجبكَ بأن الفضل للمتأخّر

- قال ابن الدهان المتوفى سنة 569هـ:

وأخٍ رخُصتُ عليه حتى ملَّني

والشيء مملوك إذا ما يَرْخُصُ

ما في زمانك مَن يعزّ وجودُه

إن رُمْتَه إلا صديقُ مخلصُ

* أستاذ سابق في الجامعة


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد