تميز بعض النحويين في العديد من البلدان وفي كل الأزمان ومن مختلف المدارس النحوية بأنهم كانوا في الوقت نفسه شعراء من مستوى جيد، وسنمثّل لهم ولأشعارهم بما يأتي: |
- نوَّه الخليل بن أحمد المتوفى سنة 160هـ بفضل كتابي عيسى بن عمر في النحول (الجامع) و(الإكمال) بقوله: |
ذَهَبَ النحو جميعاً كلُّه |
غيرما ألَّفَ عيسى بن عمر |
ذاك إكمال وهذا جامع |
فهُما للناس شمس وقمر |
- وجّه والي فارس والأهواز سليمان بن علي رسولاً للخليل لتأديب ولده مقابل أجر كبير فرفض الخليل وقال للرسول: |
أبلغ سليمان أنّي عنه في سعَةٍ |
وفي غنى غير أنّي لستُ ذا مالِ |
- تمثل سيبويه المتوفى سنة 180هـ عند موته بقوله: |
يؤمِّلُ دنيا ليبقى بها |
فمات المؤمِّل قبل الأمل |
- وَضَعَ سيبويه رأسه في حجر أخيه لما اعتلّ فبكى أخوه حين رأى ما به فقطرتْ من عينه قطرة على وجه سيبويه ففتح عينيه فرآه يبكي فقال: |
أخيَّيْن كنّا فرَّقَ الدهرُ بيننا |
إلى الأمد الأقصى ومن يأمنُ الدّهرا |
- قال اليزيدي المتوفى سنة 202هـ في هجاء الكسائي وأصحابه الكوفيين: |
كنّا نقيس النحو فيما مضى |
على لسان العرب الأوّل |
فجاءنا قوم يقيسونه |
على لُغَى أشياخ قطْربّلِ |
إن الكسائي وأصحابه |
يرقون بالنحو إلى أسفل |
- وقال ابنه النحوي أيضاً المتوفى سنة 225هـ: |
أنا المذنب الخطّاء والعفو واسع |
ولو لم يكن ذنب لما عُرف العفو |
- قال أحد النحاة يهجو التَّوزي النحوي والمتوفى سنة 233هـ: |
يا مَنْ يزيدُ تمقّتاً |
وتبغُّضاً في كل لحظه |
والله لو كنت الخليلَ |
لما كتبنا عنك لفظه |
- قال ابن السكّيت المتوفى سنة 243هـ: |
ومن الناس مَنْ يُحبّك حبّاً |
ظاهر الحبّ ليس بالتقصير |
فإذا ما سألته نصفَ فِلس |
ألحَقَ الحبّ باللطيف الخبير |
- قال المازني المتوفى سنة 247هـ: |
شيئان يعجز ذو الرياضة عنهما |
رأيُ النساءِ وإمْرة الصّبيان |
- قال السجستاني المتوفى سنة 250هـ: |
كبِدَ الحسودِ تَقَطَّعي |
قد باتَ مَنْ أهْوى معي |
- قال الرِّياشي المتوفى سنة 257هـ: |
شِفاءُ العَمَى حُسْنُ السؤال وإنّما |
يُطيل العَمَى طولُ السكوتِ على الجهل |
فكن سائلاً عمّا عَناكَ فإنّما |
خُلقْتَ أخاَ عقلٍ لتسألَ بالعقلِ |
- تبرّم المبرِّد بكسر الراء المتوفى سنة 285 هـ بمن يفتحونها بقوله: |
والكسرُ في راء المبرّد واجب |
وبغير هذا ينطق الجهلاء |
- وعاد إلى الدفاع عن الفتح بقوله: |
لا تَكْرهَني لقباً شُهِرْتَ به |
فَلَرُبَّ محظوظ من اللّقب |
قد كان لُقِّب مرّة رجلُ |
بالوائليّ فعُدَّ في العرب |
- وهجا المبرّد ثَعْلَباً بقوله: |
رُبَّ من يعنيه حالي |
وهو لا يجري ببالي |
قلبُهُ ملآنُ منّي |
وفؤادي منه (خَالٍ) |
- قال الزّجاح المتوفى سنة 311هـ بعد أن قَلَبَ عليه بعض الصبيان ماءً في الطريق: |
إذا قَلَّ ماءُ الوجه قَلَّ حياؤُه |
ولا خيرَ في وَجْهٍ إذا قَلَّ ماؤُهُ |
- هجا نِفْطَويه المتوفى سنة 323هـ ابن دريد بقوله: |
|
|
|
|
|
|
وقد أجابه ابن دريد بقوله: |
|
|
|
وصيَّر الباقي صراخاً عليه |
|
كم قد خَلَوتُ بِمنْ أهوَى فيمنعُني |
منه الحياء وخوفُ الله والحَذَرُ |
وكم ظفرتُ بمن أهوى فيقنعني |
منه الفكاهة والتحديث والنظرُ |
أهوى المِلاح وأهوى أن أجالسهم |
وليس لي في حرام منهم وَطَرُ |
كذلك الحبّ، لا إتيان معصية |
لا خير في لذَّة من بعدها سقَرُ |
|
أستغفر الله ممّا يعلم اللهُ |
إن الشَّقيّ لَمَنْ لم يَرْحم اللهُ |
هَبْهُ تجاوز لي عن كلّ مظْلَمةٍ |
وا سوأتا من حياتي يوم ألقاهُ |
- قال ابن لنكك معاصر المتنبي: |
يعيب الناس كلّهم الزّمانا |
وما لزماننا عيب سوانا |
نعيب زماننا والعيب فينا |
ولو نَطَقَ الزمان إذاً هجانا |
ذئاب كلّنا في خلق ناسٍ |
فسبحان الذي فيه برانا |
يعافُ الذئب يأكل لحم ذئب |
ويأكلُ بعضنا بعضاً عِيَانا |
|
زمان قد تفرَّغَ للفُضول |
فسوّد كل ذي حمق جَهولِ |
إذا أحييتُمُ فيه ارتفاعاً |
فكونوا جاهلين بلا عقول |
|
الدّهر دهرُ عجيب |
منه الوليد يشيب |
العير فوق الثريا |
وفي الوهادِ الأريب |
|
حِرْمانُ ذي أدبٍ وحظوة جاهلٍ |
أمران بينهما العقولُ تحيَّرُ |
الأرذلون بغبطةٍ وسعادةٍ |
والأفضلون قلوبُهم تتفطّرُ |
- قال أحد النحاة يهجو النحوي مَبْرمان المتوفي سنة 345هـ: |
صداعُ من كلامكَ يعترينا |
وما فيه لمستمع بيانُ |
مكابرة ومَخْرقة وبَهْتُ |
لقد أبرقنا يا مبرمان |
- قال أبو علي الفارسي المتوفى سنة 377هـ: |
خَضَبتُ الشّيبَ لما كان عيباً |
وخَضْبُ الشّيب أولَى أن يُعابا |
ولم أخضبِ مخافة هَجْر خلٍّ |
ولا عيباً خشيتُ ولا عتابا |
ولكن المشيبَ بدا ذميماً |
فصيرتُ الخضاب له عقابا |
- قال ابن خالويه المتوفى سنة 390هـ: |
إذا لم يكن صَدْرُ المجالِس سيّداً |
فلا خيرَ فيمن صَدَّرتْه المجالسُ |
وكم قائلٍ مالي رأيتُك راجِلاً |
فقلت له من أجل أنّك فارسُ |
|
الجود طبعي ولكن ليس لي مالُ |
فكيف يبذل مَنْ بالقرض يحتال |
- قال ابن جني المتوفى سنة 392هـ: |
فإن أصْبِح بلا نَسَبٍ |
فَعِلْمي في الورى نَسَبي |
|
صدودك عنّي ولا ذنبَ لي |
يدلّ على نيّة فاسده |
وقد (وحياتِكَ) ممّا بكيتُ |
خشيتُ على عيني الواحده |
ولولا مخافةُ ألاّ أراك |
لما كان لي في تركها فائده |
- قال الخطيب التبريزي المتوفى سنة 205هـ: |
فمن يسأم من الأسفار يوماً |
فإنّي قد سئمتُ من المقام |
- قال ابن الخشّاب المتوفى سنة 567هـ في وصْف الشمعة: |
صفراءُ لا مِنْ سَقَم مسَّها |
كيف وكانت أمُّها الشافيه |
عريانة باطنها مكْتسٍ |
فاعْجبْ لها كاسية عاريه |
- قال ملك النحاة المتوفى سنة 568هـ: |
حَنَانيك إذ جاءتك يوماً خصائصي |
وهالَكَ أصنافُ الكلام المسخّر |
فسَلْ منصِفاً عن قالتي غير جائر |
يُجبكَ بأن الفضل للمتأخّر |
- قال ابن الدهان المتوفى سنة 569هـ: |
وأخٍ رخُصتُ عليه حتى ملَّني |
والشيء مملوك إذا ما يَرْخُصُ |
ما في زمانك مَن يعزّ وجودُه |
إن رُمْتَه إلا صديقُ مخلصُ |
* أستاذ سابق في الجامعة |
|