لا يخفى على الكثيرين في الساحة التشكيلية أي من أسرار التحكيم القائم في الكثير من المسابقات التشكيلية المحلية التي قد لا تختلف في أسلوبها عن أي تحكيم دولي إذا داخلها تحكم من قبل العواطف والميول، وكثير ما أُثيرت ردود فعل على نتائج مسابقات هنا أو هناك في مختف مناطق المملكة.. منها من يضع اللوم على المحكمين بأنهم غير أكفاء للتحكيم نتيجة قصور تجاربهم واعتبارهم ما زالوا يجهلون الساحة.. والبعض الآخر يرى أن نتائج بعض المسابقات بُنيت على ميول للأسلوب أو التقنيات أو الفكرة فيمنح المحكمين الجائزة للعمل الذي يرون أنه قريب من تجربتهم أو ملامس لها.. وهناك من يتهم بعض المحكمين بأنهم ميالون لمنح الجوائز لمن سبق لهم الفوز بها في مسابقات سابقة للتخلص من اللوم والعتب وهذا ما يراه الكثير، أما الجانب الآخر فهو التعاطف مع اسم يرى المحكمين أنه مظلوم ولم يمنح أي جائزة سابقة ولهذا من حقه الفوز بهذه الجائزة رغم أن مستوى أعماله لا يمنحه الحق بالفوز.
هذا الاختلاف والتنوع في مفهوم التحكيم أو الحكم على المحكمين أو الخطأ في اختيارهم دفع بالساحة إلى مسارات واتجاهات لا حصر لها دون علم من تحمل مسئولية هذا الاختيار، فالكثير من التشكيليين في الساحة يرون في العمل الفائز أنه الأفضل، وبهذا يجد له تابعين ومقلدين مهما كان سيئاً، فالمحكمون في نظر هؤلاء لا يمكن التشكيك بهم بقدر ما يرون فيهم المرشد وصاحب العين الفاحصة والخبرة الكبيرة.. هذه النظرة كانت من أهم المؤثرات على الساحة فترات طويلة خلقت بها معوقات في طريق الابتكار في العمل الفني أبقت الساحة في حدود النقل والتسجيل الواقعي للموروث الحرفي أو المشاهد الطبيعية بعيد اكتشاف أعماق الفن والخوض في التجارب المعاصرة التي سبقنا بها الكثير وتجاوزونا فيها بمراحل ما زلنا اليوم نحاول اللحاق بها.
إذاً فقضية التحكيم ما زالت أزلية ومنح الجوائز ما زال في دائرة الشك وعدم الرضا إلى أن يتم تشكيل لجان ذات خبرات كبيرة تكسبهم ثقة الساحة.
أما الجانب الآخر من قضية الجوائز فهناك من يرى في الجائزة هدفاً.. ولهذا تجده يبحث عنها في أي مناسبة تمكنه من الفوز حتى لو كانت المشاركة في معرض لرسوم الأطفال، دون النظر إلى أهمية أن تكون المنافسة أقوى واهم لتستحق أن يفخر بالحصول عليها وأن يكون المنافسون بحجم قدرته على المنافسة، مع أن الجائزة لم تكن يوماً مقياساً لمستوى الفنان وليست براءة اختراع فمن يفوز في مسابقة ما.. لا يعني استحقاقه للفوز في مسابقة أخرى، كما أن الفنان المتميز يفرض عطاءه ويجد المقتنين لأعماله أكثر ممن امتلأت مراسمهم بالجوائز والدروع ولنا في تاريخ الفن والساحة المعاصرة الحديثة الكثير من الأمثلة، كما أن في ساحتنا المحلية من الأمثلة ما يمكن الاستشهاد به فكم نسبة الحاصلين على الجوائز من الرواد وكم عدد الحاصلين عليها من الأجيال اللاحقة.
MONIF@HOT MAIL.COM