عجبت لقول إحدى الزميلات التربويات إن وزارة التربية وضعت ثقتها في المعلمين فقررت أن يقوم معلمو كل مدرسة بوضع أسئلة الثانوية العامة لمدرستهم، أنني أسأل: ما دخل الثقة هنا؟ . إن ما يكتسبه طلابنا من مهارات وما يتعلمونه من مفاهيم وأساليب تفكير وما يستطيعون تأديته من مهام
وتدريبات تعليمية لا يمكن رهنه لمسألة الثقة في الأشخاص.
وإذا ما علمنا أن وزارة التربية تخلصت أو هي في طريقها إلى التخلص من قطاعات كثيرة (الثقافة، الكليات، الآثار، الصحة المدرسية.. الخ) كانت تزاحم الوزارة في عملها الأساسي، وإذا ما أضفت إلى ذلك سخاء الدعم المالي المقدم حالياً للتعليم وتوفر الكوادر التعليمية بشكل غير مسبوق فإنك تتوقع من الوزارة في مثل تلك الظروف أن توجه كل جهودها وطاقتها لخدمة ما يجري في المدرسة وما يجري تحت سقف الفصل تحديداً وفق أرقى المعايير التعليمية. لكن قرار الوزارة بالتخلي عن فحص مخرجات تعليمها في ضوء معايير مهنية وطنية محددة أتي مخالفاً لتلك التوقعات. نحن هنا نطالب بعودة اختبار الثانوية العامة بصورته السابقة بقدر ما نحن نطالب بتوفير البديل الذي يجب أن يحقق شرطين أساسيين تؤكدها كل النظم التعليمية وهما: تحري حد أدنى من (العدالة) بين الطلاب دون تقعر، وتوفر ما يثبت علمياً للوزارة وللمجتمع أن طلابنا حققوا الحد الأدنى على الأقل من (معايير) ما يراد لهم أن يتعلموه كشرط لتخرجهم من الثانوية العامة، وبديهياً أن (العدالة) و (المعايير) المشار إليهما لا يمكن أن يتحققا بمجرد إصدار تعاميم وتعليمات وإملاءات على المدارس، أو بمجرد وضع الثقة في أشخاص بعينهم. من المؤكد أن وزارة التربية تبذل جهوداً كبيرة لتطوير التعليم العام، لكنها في ظني الشخصي أقرب إلى من يطلق طلقات عشوائية في الهواء دون أن يتحقق من إصابتها للهدف أو اقترابها منه على الأقل. برر أحد قيادات الوزارة إلغاء اختبار الثانوية العامة بقوله أن هذا الاختبار لا يستحق كل تلك الهالات الاقتصادية والاجتماعية التي ترافقه، فأثر (وزن) هذا الاختبار في الدرجة النهائية للطالب ضعيف، وهنا نقول وهل يعالج الخطأ بالخطأ؟ أرجو أن لا يفهم أحد أنني أحاول التقليل من جهود وزارة التربية، لكنه طبيعة النقد التربوي الذي يستهدف البناء ولا ينفي فيه طرف الطرف الآخر ولا يصادر رأيه ولا يحتقر جهوده.