حين نستعرض ما جلبته لنا المدنية الحديثة من أخطار جسيمة ذات تأثير سلبي على صحتنا وعلى بيئتنا يصيبنا الذعر والقلق. فالمطلع على الأوضاع الصحية المتردية بين أوساط المجتمع يلحظ تزايد الأمراض الجلدية وحالات الاختناق وضيق التنفس، وارتفاع معدل أزمات الربو والحساسية عند أفراد الأسرة وخاصة الصغار.
ولئن كانت الحياة الحضارية تتطلب التعامل معها بثقافة خاصة وحذر شديد، فإننا إزاء متطلبات أساسية للحفاظ على صحتنا وسلامتنا. ولعلي هنا أوجه حديث الخائف لربة المنزل الحريصة على صحة وسلامة أفراد أسرتها، وأعني بذلك ضرورة الحذر والتعامل الجاد مع مواد التنظيف بوجه خاص!
إن نقص الثقافة وقلة الوعي لدى بعض سيدات المنازل بتلك المخاطر، وما يمكن أن تؤدي إليه من أمراض أو كوارث، هو ما يجعل تلك الأمراض التنفسية والجلدية تتزايد بشكل لم يسبق له مثيل.
وتكمن قلة الوعي عندما تعمد ربة المنزل إلى تخزين مواد التنظيف بجانب المعلبات والمواد الغذائية، على الرغم مما تشكله تلك المواد من خطورة قصوى لتأثيرها الكيميائي والتصاق ذراتها بالمواد الغذائية، ويظهر ذلك عند إعداد الطعام أو تناوله، حينئذ يكون محملاً بتلك المواد الضارة. كما أن وضع غسالة الملابس أو النشافة داخل المطابخ أو الحمامات ذات المساحات الضيقة له تأثير بالغ الخطورة؛ نظراً إلى تطاير أبخرة مواد النظافة في الجو أو تبدد خيوط الملابس بفعل الغسيل أو حرارة التجفيف داخل المكان، وحين يستنشق المحيطون روائح تلك المساحيق تسبب لهم تهيجاً وزيادة في أمراض الجهاز التنفسي، ناهيك عن ملامسة تلك المساحيق والمواد السائلة للجسم وتسببها بحساسية جلدية.
وقد تتفاجأ حين تجد مئات الأصناف من أدوات التنظيف المختلفة التي توصف تارة بأنها تقضي على الدهون العنيدة وتارة تزيل البقع العتيدة. فلئن كان تأثيرها بهذه القوة على الأواني الصلبة والملابس المتينة فكيف إذاً تأثيرها على الرئة الرقيقة والبشرة الناعمة؟!
ولعل البعض منا يجهل أن الإهمال في إزالة الصابون أو الشامبو عن الجسم أثناء الاستحمام يتسبب في تكون غدد قد تؤدي إلى أورام عديدة. وهنا لا بد من إدراك أن الاهتمام بالنظافة لا يتعارض مع توخي السلامة، ولا بد من التيقظ بألا يكون الهوس في النظافة عاملاً في تقويض الصحة وهدمها.
إن مصطلح (حساسية) لم يكن معروفاً قبل اكتشاف تلك المواد الضارة ذات الأخلاط الكيميائية، ولجوء المرء إليها واستخدامها بإسراف بالغ فضلاً عن أن عدم الالتزام بالثقافة الصحية هو ما يجعل المناداة بترشيد استخدامها أمراً ملحّاً، بل والبحث عن البديل ضرورة قصوى!!
rogaia143@hotmail.Com
ص. ب260564 الرياض 11342