عالمنا اليوم الذي يعج بالعنف بسبب اختلال المعايير وازدواجيتها بحاجة ماسة إلى تطبيق مبدأ العدل. هذا المبدأ الذي تؤكد عليه المنظمات الدولية في مواثيقها، والدول في دساتيرها. ومع ذلك، يتعثر هذا المبدأ المهم ساعة التطبيق، ويصبح منطق القوة هو السائد والمتحكم بسير العلاقات بين الدول والجماعات، ولذلك تندلع الحروب، وتمتد الأزمات، والخاسر هم الشعوب.
وأهمية تطبيق هذا المبدأ هو ما انتهت إليه لجنة الاتصال الإسلامي المسيحي في دورتها الرابعة عشرة في حاضرة الفاتيكان. وقالت: إن (العدل هو أولوية في عالمنا، ويتطلب أكثر من تطبيق للأحكام القانونية السائدة). كما أكدت أنه (ليس هناك سلام حقيقي ودائم بدون عدل). فالسلام الذي لا يقوم على العدل، لا يمكن أن يكون دائماً، وربما يمكن تسميته بالهدنة لحين إعادة تنظيم القوى، وترتيب الأوراق من أجل الدخول في صراع جديد.
ولطالما نادت المملكة بتطبيق هذا المبدأ في التعامل مع أزمات العالم، وخاصة فيما يتعلق بأطول صراع في تاريخ العالم الحديث، وهو الصراع العربي الإسرائيلي. فهذا الصراع امتد وتصاعد بسبب عدم قدرة الدول الكبرى على الضغط على إسرائيل من أجل إعطاء العرب حقوقهم، وإعادة أراضيهم التي سلبت بالقوة، بل ويتم التغاضي عن الجرائم التي ترتكبها الدولة الإسرائيلي بحق الفلسطينيين العزل، بحجة الدفاع عن النفس، وبحجة تعزيز الأمن، وهي حجج لا يمكن أن تقف صامدة أمام الحقيقة التي تؤكد أن هذا الصراع ما اندلع إلا بسبب اغتصاب أراضي الغير بالقوة، وتشريد شعب بأكمله، وهضم حقوقه تحت مرأى ومسمع من العالم.
ولا يمكن أن نأمل بسلام حقيقي إلا بإقامة العدل التام الذي يصون كل الحقوق. لقد قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في أحد تصريحاته ذات مرة: (إنهاء المأساة التي يعاني منها أشقاؤنا الفلسطينيون عن طريق سلام حقيقي يصون حقوق كل الأطراف ويقوم على أساس من العدالة ومن قرارات الشرعية الدولية). كما قال: (إن مؤشرات الحرب والصراعات والمخاطر المتزايدة يمكن معالجتها بروح العدالة والإنصاف). فهل يستجيب العالم وخاصة الدول الكبرى لمنطق العدل والحق، أم سيستمر في اعتماد قانون الغاب القائم على منطق البقاء للأقوى؟!.
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244