عندما
نكتب أحياناً ونقول.. إن هذه القضية.. أو هذه الظاهرة.. متروك أمرها للأكاديميين والجامعات.. ينتقدنا البعض.. أو ربما قالوا.. إن الأكاديميين أو الباحثين الأكاديميين ما عندهم سالفة.. أو لا ترجعوا لهم.. أو هؤلاء الأكاديميون مجرد (يجمعون كلام) وما شابه ذلك من الانتقادات التي تستند إلى دليل..
** ثم إن الذين ينتقدون الأكاديميين أو الباحثين.. هم عادة من البسطاء.. وهم يشبهون الذين ينتقدون الأطباء.. إذ إن بعضهم.. وهو إنسان بسيط في العلم والمعرفة والاطلاع.. يمكن أن يُصنف لك الأطباء كلهم.. ويستلمهم واحداً واحداً.. هذا جاهل.. وهذا ما عنده سالفة.. وهذا ما يفهم.. وهذا.. وهذا..
** يطوف على كل الأطباء.. وعلى كل التخصصات.. ويجهلهم واحداً واحداً.
ثم ينتقل إلى المستشفيات والمراكز الصحية ويسخر منهم واحداً واحداً.
** وفي المجالس.. الكثير من هذا الصنف.. الذي لا يعجبه شيء ومتى (مرَّ) ذكر أي شخص أو أي جهة.. سخر منهم.. وقلَّل من قيمتها وأنها لا شيء.. لأنه لا يعجبه شيء.. أو لأن لسانه اعتاد على هذا الصنف من الكلام.
** نحن عندما نتكلم عن قضية اجتماعية.. وهي مجالنا ككتاب اجتماعيين نقول عادة.. إن الأجدر والأقدر على الحكم عليها وبيان تفاصيلها وإعطاء معلومة دقيقة عنها هم الأكاديميون المتخصصون في مجالات الاجتماعات أو علم النفس مثلاً.. وهذا صحيح.. لأن هؤلاء.. فوق أنهم خبراء ومتخصصون وقد أمضوا أعمارهم في هذا الميدان المتخصص بحثاً ودراسة وتدريساً.. فهم أيضاً.. يملكون أدوات البحث ويقدرون على توفير المعلومة الصحيحة من خلال دراساتهم التي تغوص في أوساط المجتمع وشرائحه.. وتستقصي المعلومة حول هذه الظاهرة أو هذه المشكلة أو هذه القضية وكثيراً.. ما أجروا دراسات.. وكانت نسبة نجاحها عالية جداً واستفاد منها المجتمع.. واطلع على أخطائه..
** ثم أنهم يستعينون باحصائيات دقيقة صادرة عن جهات مسؤولة وهم الأقدر على تحليل المعلومات وهم الأقدر أيضاً على سلك الدروب والطرق التي تستقصي المعلومة وتحصل عليها بشكل دقيق.. يعكس رؤية متعمقة لهذه القضية أو تلك.
** الجامعات.. هي مراكز الأبحاث.. وهي التي يركن لها المجتمع في كل أموره.. وهي التي تقدم لكل الهيئات والجهات والمؤسسات دراسات تعتمد عليها في مراجعة شؤونها وفي تطوير آليات عملها.. وفي تحقيق تقدم وقفزات إلى الأمام.
** والأكاديميون.. وإن كانوا على درجات متفاوتة من القدرة والكفاءة.. لكنهم في الجملة.. هم الأقدر على الحكم.. على ظواهر المجتمع ومشكلاته وقضاياه.. وهم الذين يملكون القدرة على دراسة هذه الظواهر واستقصاء المعلومات حولها.. وإعطاء استنتاجات وأحكام تفيد المجتمع.. حتى القارئ نفسه.. يستفيد من تلك الدراسات.
** فلا يمكن التقليل من دور هؤلاء.. ولا يمكن أن نسخر من نتاجهم بهذا الشكل أو نقول.. إن هذا ليس شأنهم.. أو أن دراساتهم ليست ذات قيمة.. أو أنها مجرد تجميع كلام أو نتاج استبانات غير دقيقة.. أو.. وجهت لشريحة مغلوطة.. أو أجريت في مجتمع أو منطقة أو مجموعة لا تعطي انطباعاً دقيقاً.. ذلك أن الأكاديمي خبير في فنه.. يعرف أين ومتى وكيف يجري هذه الدراسات.. بل ربما أخضع الاستبانة لأشهر من التأمل والدراسة قبل أن يجريها.. لأنه يريد الحصول على كل الشرائح المعنية.
** لست هنا مدافعاً عن هؤلاء الأكاديميين.. فنجاحاتهم ونتاجهم خير من يدافع عنهم ولكن.. أريد أن أوضح الحقيقة حول بعض الملحوظات.. التي ترد لي أحياناً في هذا الصدد.