تمرر وسائل الإعلام العربية، دون وعي أو (بوعي)، أخباراً وصوراً ترسل رسائل ظاهرة وخفية لا تتعارض فقط مع سياستها الإعلامية بل تخالف الرأي العام الذي تتوجّه إليه! إحدى الصحف العربية التي تصدر من لندن، وعلى صفحتها الأولى، نشرت صورة لامرأتين الأولى عجوز عراقية من البصرة في الستينات من عمرها والثانية جندية في ريعان شبابها تضع على أذنيها السماعة لتكشف على العجوز المريضة، الجندية البريطانية (الممرضة) بلاشك إنها تقوم بدور إنساني مع هذه العجوز التي لم تجد من يرعاها إلا تلك الجندية التي تتبع لكتيبة كانت بالأمس القريب تقوم دباباتها وطائراتها بقصف المدن العراقية!
المحتل يقوم بدور إعلامي يحاول أن يغسل الأثر السلبي لفظائعه لا يمكن أن يكون هناك احتلال بلا فظائع! ومن أجل تحسين الصورة افتتح قنوات تلفزيونية باللغه العربية واشترى صحفاً وذمماً! ومن يدري قد يكون الاحتلال هو من تسبب في مرض وترمُّل تلك العجوز! فآخر الإحصائيات تقول إنّ في البصرة وحدها ما يقارب من ثلاثمائة ألف أرملة بالتأكيد إن للاحتلال وجنوده نصيب الأسد في القتل خاصة إذا أسلوبه في قصف المساكن على رؤوس سكانها وتلك هوايته المفضلة !!
المتوقع من قوات (التحالف) ليس بث صورة لم تَعُد تمر مرور الكرام لممرضة تضع سماعه على قلب عجوز أرهقها في آخر سنوات عمرها المرض والفقر والترمُّل جميع مصائبها من بطولة وسيناريو وإخراج المحتل، ولو استطاع فليتحفنا بصور عن بناء ما دمره من بيوت ومدارس ومساجد ومصانع وخطوط كهرباء وماء وطرق ومستشفيات وجسور لنستطيع أن نقارن من الصورة بين حياة العراقيين قبل أن ينعموا (بالديموقراطية) وبعد أن تمرّغوا فيها!! إذا كانت وسائل إعلام العرب لا تستطيع نشر أخبار وصور عن معاناة العراقيين تحت الاحتلال وارتدادات ما فعل ويفعل، فعلى الأقل عليها أن لا تكون لوحة إعلانات لصور وأخبار المحتل وآلته الإعلامية!!
alhoshanei@hotmail.com