عندما كنت طالباً في السنة الثانية المتوسطة قررت أن أتعلم العزف على العود. لا أحتاج أن أشرح لكم النتائج والنهايات؛ فكلكم تعرفون هذه اللحظة ما انتهيت إليه وما انتهى إليه زميلي محمد عبده. جمعت كل مصاريفي واشتريت (عود) من الحلة. أربعة أشهر متوالية ضربا على الأوتار وصراخا حتى بح صوتي وتورمت أصابعي. دخل عليّ مرة أحد أصدقائي وشاهد العود مسنداً على مركى في الروشن. تبدو على دبته آثار الهجر وعلى أوتاره ارتخاء الإهمال وفي عنقه ضحية فشل. من الواضح أنه يبكي فارسه الذي ترجل قبل الأوان. قال صديقي بعد أن أطلق تنهيدة: لقد نجا محمد عبده من المنافسة. هذا ما سمح له أن يتسيد الساحة الفنية على مدى أربعين سنة. فشل قوم عند قوائم فوائد.
تحولت بعدها كما يتحول (اللي ما توفقوا) في الإبداع إلى النقد الفني. أول شيء أعلنته في مؤتمر صحفي عقدته في روشنا المذكور أن الفن رسالة. بصراحة يا جماعة الخير حتى الآن لا أعرف محتواها. لكني أصررت على أن الفن رسالة، ولكي أثبت قولي هذا اشتريت كل مسرحيات فيروز وأغانيها، ثم شننت حملة شعواء على فهد بن سعيد وسعد إبراهيم وسلامة العبدالله ومن لف لهم. اكتشفت بعد أن أعلنت أن الفن رسالة أني كنت قبلها إنسانا بسيطا. قواعد الحب والفن تتقرر في قلبي. لم أكن أعرف أن هناك قواعد وسلطات في الفن على الجميع اتباعها.
كان التلفزيون يبث بين الحين والآخر أغاني لعدد من المطربين والمطربات من عرب وعجم بينهم مطربون سعوديون يأتون في برنامج شهير عرف حينها ببرنامج مسرح التلفزيون. كانوا كلهم يشبهونني وأسماؤهم تشبه اسمي، وملامحهم كملامحي ولهجتهم هي لهجتي. كنت أضحك من طريقة فيروز وألحانها وحركاتها. لكن الأمور تغيرت منذ أعلنت أن الفن رسالة. تكشفت أمامي أموراً أخرى. هناك واجبات وتضحيات يتوجب عليّ دفعها وتسديدها. هناك من سيعلمني ما أحب ومن هو الفنان العظيم ومن هو الفنان الذي عليّ أن أسمعه وأمدحه في المجالس. فالفن رسالة يمليها عليك الحزب الذي أردت أن تنضم له. لا مكان لقلبك. أنت مثقف يا عبدالله. بدأت الأمور تتخذ في ذهني تراتبية واضحة. فيروز أولاً ثم الفنانون المصريون ثم الفنانون من المنطقة الغربية، ويأتي في ذيل القائمة الفنانون من الرياض والمنطقة الوسطى. لم أسأل نفسي ما الفرق بين فيروز وفهد بن سعيد مثلا؟ سؤال من المحرمات التي حدثتكم عنها في مقالي عن قاسم أمين.. كيف أجرؤ على طرح مثل هذا السؤال؟!. فيروز أرزة سامقة وابن سعيد نخلة عوجا. سيأتي الأصولويون من الحداثيين يكفرونني وسيعلنون وش يعرف هذا بالفن الراقي هذا أقصاه السبالة.
على كل حال من يرغب في تعلم العود مستلهما تجربتي أنصحه الدخول على موقعي www.albakeet.com والتوفيق بيد الله.
فاكس: 4702164
YARA.BAKEET@GMAIL.COM