إلى معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر.. |
ضحك اليراعُ وقال إذ أمسكته |
ماذا تريدُ وما عساك ستكتب؟! |
أتظن أنك ما تزال كما مضى |
تضع الحروف مكانها وترتّب؟! |
أنسيت أنك لا ترى يا صاحبي؟! |
والحرف سوف على سواه يركّب |
ويصير خطك هكذا أضحوكة |
وهو الذي قد كان حقَّا يُعجب |
فاعهد إليَّ بما تودّ فإنني |
وبحول ربي فارسٌ لا يُغلبُ |
فأجبته إنّ المهمّة صعبة |
وكتابة عمن بذهني أصعبُ |
فتبسم القلم الذكي وقال لي: |
هذا الكلام يقال حين تجرّبُ |
من ذا الذي عنه تودُّ كتابةً |
فلعل عندي ما تريدُ وتطلبُ |
قلت: الخويطر. قال: هذا صاحبي |
وأنا له مذ كان طفلاً أصحبُ |
ولديَّ معرفة بكل أموره |
فأنا لديه مفضّلٌ ومقرّبُ |
لكن إذا أطريتُ بعض صفاته |
ومدحته فعليَّ حتماً يغضبُ |
قلت: اجعل الموضع سرّاً بيننا |
والسرّ بين اثنين لا يتسرّبُ |
فاهمس بأذني إنني لك منصتٌ |
ويلذُّ لي عنه الكلام المسهَبُ |
وأعد على سمعي جميل صفاته |
إن الحديث عن الرجال محبّبُ |
قال: الخويطر مذ حداثة سنّه |
الكلّ يعرف أنّه لا يكذب |
ولقد تفوق في الدراسة وارتقى |
درج العلا بعزيمة تتوثّبُ |
الأوليّة كان من فرسانها |
ما كان خوض غمارها يتهيّب |
وتراه يحرزها بكل جدارةٍ |
لا غرو فهو مثابرٌ ومؤدب |
قد كان في زملائه متميزاً |
ما كان أيام الدراسة يلعب |
فكتابه وأنا رَفِيْقَا دَرْبِهِ |
ودُفيترٌ في جيبه لا يغرب |
ليسجّل الأحداث فيه بوقتها |
وإذا بدا خطأ بشيء يُشطبُ |
ولذلك اجتمعت لديه حصيلةٌ |
حفلت بها أدراجه والمكتبُ |
وتراه ينشرُ بعضها في كُتْبِهِ |
وبما حوت قرّاؤهُ قد أُعجبوا |
المكتباتُ تزيّنت بنتاجهِ |
والناس صارت بالقراءةِ ترغبُ |
أسلوبه سهلٌ وممتنعٌ معاً |
وبحسنه قرّاءهُ يستقطب |
نشر الثقافة همّه ومراده |
ما كان من إنتاجه يتكسّب |
فتراه يُهديه إلى أصحابه |
بتسلسلٍ لا شيء منه يُحجب |
ولقد أماط عن التراث قناعه |
فجلاه في شكلٍ جميل يجذب |
و(الدال) أوّل من بحق نالها |
والمرء يسمو حين يسمو المطلب |
ولقد تقلّب في مناصبَ عدَةٍ |
فأدار دفتها وسار المركب |
أستاذ جامعة فصار وكيلها |
فمديرها وأتى بما يُتطلّب |
فوزير تعليم، وزارة دولةٍ |
وبمجلس الوزراء عضو موجب |
أما الأمانة والمروءةُ والوفا |
فأصيلة فيه ولا تُستغرب |
فأبوه متّصفٌ بها من قبله |
والابن يفعلُ مثلما فعل الأبُ |
جمّ التواضع سمحة أخلاقه |
ما غرّه مجد بناه ومنصب |
وتراه في الأعراس يحضر دائما |
وإلى الصلاة على الجنائز يذهب |
تنظيمه للوقت واستغلاله |
أمرٌ عجيبٌ والنتائج أعجب |
ولذا فقد جعل الزيارة مغرباً |
يوم الخميس بمن أتاه يرحّب |
ولأن هذا الوقت لم يكُ كافياً |
فلقد أضيف إليه أيضا مغرب |
وإذا تصدّر للحديث رأيته |
متهلّل القسمات ليس يُقطّب |
والحاضرون يظنّ كل منهمُ |
أن الحديث إليه وهو الأقرب |
وإذا أثير نقاشُ موضوع فلم |
يكُ في النقاش لرأيه يتعصب |
مرح دعابته خفيفٌ ظلّها |
وكلامه عند النقاش مهذب |
وتراه يصغي للمحدّث مبدياً |
كل اهتمام لا يندُّ ويعزُب |
وإذا توجّه بالحديث لزائر |
فبكنيةٍ يدعوه ليس يلقِّب |
إن الخويطر قِلّةٌ أمثاله |
وبه غدا مثلُ الرجولة يُضرب |
يا رب فاحفظه وبارك سعيه |
واجعل معين نتاجه لا ينضب |
هذا قليلٌ لا يقوم بحقّه |
وهو الخضمّ الزاخر المتشعّب |
|