في مثل هذا اليوم، في الرابع عشر من شهر حزيران (يونيو) الحالي استولت حركة حماس على السلطة تماماً، وفرضت سيطرتها على قطاع غزة مع معارك لم تدم طويلاً من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية والمشكلة أصلاً من عناصر من حركة فتح المنافسة.
من يومها أصبح للفلسطينيين سلطتان، واحدة في رام الله حيث شكل الرئيس محمود عباس (والمعترف به دولياً وعربياً) حكومة بديلة وأقال الحكومة السابقة برئاسة إسماعيل هنية، الرئيس الجديد للحكومة الفلسطينية الجديدة سلام فياض تكنقراطي فلسطيني لا ينتمي إلى فتح ولا إلى حماس، عرف عنه كخبير في البنك الدولي، وشغل منصب وزير للمالية والاقتصاد في أكثر من وزارة فلسطينية، وشكل حكومة مصغرة حققت في بداياتها انفراجات مالية واقتصادية ومعيشية، إلا أنها اقتصرت على الضفة الغربية وقد حصلت حكومة فياض على دعم دولي وحتى إسرائيلي في بادئ الأمر لإحراج الحكومة الأخرى في قطاع غزة، حيث تشبث إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقال، وفرض سلطة حكومة على غزة بكامل القطاع، الذي فرض عليه حصار جعل القطاع مغلقاً حتى أمام الحالات الإنسانية إذ توفى الكثير من المرضى الفلسطينيين والذين وصل عدد من توفي منهم 186 شخصاً، ورغم أن الدعم الإسرائيلي لحكومة رام الله لم يستمر لأن لإسرائيل مخططاتها وأطماعها التي لن تتوافق مع أية حكومة فلسطينية إلا أن محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض ظلا يحاولان عن طريق المفاوضات تحسين الأوضاع في الضفة والعمل من خلال الأشقاء العرب إعادة اللحمة الوطنية بإجراء مصالحة مع حركة حماس وحكومة غزة، إلا أن الاجتماع ومؤتمرات الصلح سواءً التي عقدت في مكة المكرمة والقاهرة وصنعاء فشلت في إعادة الوئام بين فتح وحماس وظل للفلسطينيين حكومتان واحدة في رام الله وأخرى في غزة.
ونتيجة لهذا الوضع الشاذ حاول كل طرف حسم الأمر لصالحه ودخل الطرفان في تحديات صعبة لكسب المعركة فكان التحدي الأساسي أمام حركة فتح هو إحراز تقدم على صعيد المفاوضات مع إسرائيل.
أما معركة حماس فكان همها تأكيدها صمودها في وجه التوغلات الإسرائيلية والحصار المحكم حول القطاع والإبقاء على الحد الأدنى من المعيشة الحياتية للسكان.
لكن كل من الطرفين فشل في تحقيق ما يصبو إليه فقد باءت محاولات السلطة الوطنية في تحقيق تقدم في المفاوضات مع إسرائيل، وحتى مؤتمر أنابولس الذي سعى من خلاله الرئيس بوش وأولمرت ومحمود عباس وضع أساس الدولة الفلسطينية أفشله الإسرائيليون الذين استدرجتهم صواريخ حماس للقيام بالعديد من الاعتداءات على قطاع غزة ومزيد من التوغلات إضافة إلى استئناف للهجمة الاستيطانية مما أوصل الرئيس محمود عباس إلى حالة من إحباط جعلته يعلن أكثر من مرة عن رغبته في الاستقالة.
والآن وبعد عام من استيلاء حماس على السلطة في غزة فشل كل من الطرفين الفلسطينيين في تحقيق أهدافه، فالوضع في قطاع غزة كارثي في ظل حصار قاتل وتدهور اقتصادي وصحي يهدد بتفجر الأوضاع اجتماعياً وأمنياً، وفي الجانب الآخر يعاني الرئيس محمود عباس وفريق السلطة من تجاهل إسرائيلي لكل متطلبات تهيئة أوضاع التفاوض، وإهمال أمريكي يجعل من وعود إقامة دولتين نهاية عام 2008م مستحيلة، وهذا ما يجعل الفلسطينيين جميعاً في الضفة الغربية وقطاع غزة، وخارج الأرض الفلسطينية حائرين ومتشككين عن أفعال قادتهم سواء الذين يفضلون خيار التفاوض أو الذين يريدون تحرير الأرض بالصواريخ.