يقال عن المرأة إنّها عاطفية، ويعتبرُ بعض الناس هذه الصفة بمثابة الوصمة في حياة المرأة، وهي عند الكثير تعني البُعد عن العقل، حيث يفصلون بين العقل، والعاطفة فصلاً عجيباً، وكأنّنا إزاء كائنين مختلفين، يتناسون الترابط الدقيق بين مكوّنات الجسم البشري الحسيّة والمعنويّة، فكما ترتبط الأعضاء ببعضها ارتباطاً حسِّياً وثيقاً، كذلك ترتبط معنوياً، فلا يمكن أن يفكِّر العقل بمعزل عن العاطفة، ولا يمكن أن تسيطر العاطفة بعيداً عن العقل!
يبقى إذن التمايز بين الناس على أساس اختيار تقديم أحدهما، أيْ العقل أو العاطفة وإعطاؤه الصلاحيات شبه المطلقة أو الأولية في الحكم.
وكلاهما، أيْ العقل والعاطفة، مصدر قوّة للإنسان، إذن لا يمكن أن يستهان بعاطفة المرأة واعتبارها بمثابة الوصمة في تاريخ حياتها، فكثير من النساء سيطرت بعاطفتها على عقول الرجال، وبعضهنّ كانت بعاطفتها السبب المباشر في تغيير التاريخ!
وغالباً ما يقدِّم الرجل العاطفة على العقل في بناء كثير من العلاقات ولاسيما العاطفية، ثم بعد ذلك يبدأ بإعطاء العقل زمام الأمور، بينما تقدِّم المرأة العقل على العاطفة، ثم تبدأ بإعطاء العاطفة زمام الأمور! والسبب في ذلك أنّ العقل يغلب على تصرفات الرجل، بينما تغلب العاطفة على تصرفات المرأة، وكلاهما أيْ الرجل والمرأة، شبه مجبر على ذلك، فهي غرائز وقدرات فطرية ليس لأحدهما أن يتحكّم بها؛ لذلك نجد المرأة أكثر وفاءً من الرجل وأكثر تمسُّكاً بالروابط الإنسانية، فهي حكّمت عقلها أولاً، ثم عاطفتها ثانياً، ويتضح ذلك كثيراً في العلاقات الزوجية، فالمرأة حين تقبل بالرجل زوجاً لها، تكون قد بنت قبولها على تحكيم عقلها، بينما يقبل الرجل بالزواج منها إرضاءً لعاطفته، وبعد ذلك تسير الحياة وفق ما يحكم تصرفات كلٍّ منهما، فتظهر المرأة عاطفتها، ويظهر الرجل حكمته وعقله!
وتبدأ المرأة بالمطالبة بمزيد من العاطفة، بينما يريد الرجل الكثير من التعقُّل، ومن هنا يبدأ الخلاف والاختلاف، وتجفُّ العاطفة شيئاً فشيئاً بينهما، ولو أنّ كلاًّ منهما عامَل الآخر على حسب طبيعته لكان هذا هو التوازن الفطري المنشود، حيث إنّ كليهما مكمِّلٌ للآخر!
noraalomran@hotmail.com