كدأب المملكة في البحث عن حلول لمعالجة المشاكل التي تواجه المجتمع الدولي، والبشرية جمعاء، فقادة المملكة سباقون دائماً في تعليق الجرس والتنبيه لوجود أزمة تستدعي الحل. وبعد تفاقم أسعار البترول التي تضاعفت في الستة أشهر الأخيرة رغم إقدام الدول المنتجة من داخل منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أو الدول المصدرة الأخرى برفع الإنتاج اليومي للبترول إلا أن الأسعار لم تهبط، وواصلت ارتفاعها، وقد استغلت أوساط المضاربين في الأسواق الدولية للبترول هذه الحالة وأصبحت تلك الأسواق مرتعاً للمضاربات التي ساهمت في رفع الأسعار، إضافة إلى تدني قيمة الدولار الأمريكي الذي تسعر قيم بيع البترول به.
وهكذا أدت المضاربات وانخفاض قيمة الدولار إلى ارتفاع كبير في الأسعار أثقلت كاهل المستهلكين من الدول الصناعية والنامية على حد سواء، وهذا ما دفع الجميع إلى الشكوى من هذه الارتفاعات التي ستدمر الاقتصاد الدولي إذا ما استمرت الارتفاعات.
وهنا كان لا بد من التحرك، وكالعادة استجابت القيادة السعودية لمسؤولياتها كون المملكة أكبر منتج للبترول وأن مبدأ ونهج المملكة بالالتزام بسياسة إنتاجية لا تضر الدول المنتجة التي ارتبط اقتصادها ونموها بما يحققه إنتاج البترول من إيرادات تستثمر في دفع اقتصادها إلى الأعلى وتحقيق معدلات نمو معقولة، وأيضاً لا تضر الدول المستهلكة من دول صناعية كي لا يؤدي نقص الإمدادات إلى تعطل برامجها الصناعية ولا يضر الدول النامية التي تتأثر موازناتها بارتفاع الأسعار.
ولهذا ولقناعة الأسرة الدولية من منتجين ومستهلكين بصدق وصواب نهج وسياسة المملكة الإنتاجية فقد أيدت جميع الدول وخاصة الدول الأكثر استهلاكاً للبترول والدول الأكثر إنتاجاً دعوة المملكة لاجتماع عاجل للدول المنتجة والدول المستهلكة والشركات التي تعمل في مجال البترول، والالتقاء على أرض المملكة، وقد تم تحديد موعد اللقاء والذي سيكون في يوم 22 من الشهر الميلادي الحالي وبمدينة جدة.
الإجماع الدولي والاستجابة السريعة لدعوة المملكة وتحديد الموعد في أقل من شهر وعلى أرض المملكة هو تقدير وتأكيد على سمو مقصد المملكة وأهدافها في الحفاظ على مصالح جميع الدول من أجل خير البشرية جمعاء، وريادتها في هذا القطاع الهام، قطاع الطاقة الذي يعد المحرك الأول والأساسي للتنمية في العصر الحاضر.
jaser@al-jazirah.com.sa