حوار - منيرة المشخص
عزت الفنانة التشكيلية شريفة السديري التطور الذي تشهده ساحة الفن التشكيلي في المملكة في الوقت الحالي إلى التطور المستمر في مادة التربية الفنية منذ المرحلة الابتدائية, جاء ذلك في حوارنا معها وإجابتها على العديد من التساؤلات الخاصة بمسيرة في الفن التشكيلي على مدى عقدين من الزمن موضحة خلاله أنها لا تنتمي لمدرسة فنية معينة فهي تحب الرسم منذ الطفولة واكتشف نفسها وقدراتها عندما ترسم وتجرب كل جديد أو غريب في استخدام الخامات أو الأساليب ولكنها كما تقول تميل أحياناً إلى الأعمال السيريالية أو الإسلامية عند استخدامها للخط العربي أو عندما تبرز بعض المعالم الإسلامية. وعن تقييمها لمسيرتها تقول: بدأت منذ أكثر من 20 عاماً وأنا أعتبر نفسي فقط هاوية فصادفني الكثير من التشجيع من قبل الجميع من أساتذة ومتذوقين وزملاء وزميلات في المجال مما دفعني للاجتهاد أكثر في إنتاجي مما أدى إلى وصولي مستويات أفضل فأفضل في عملي، ومنها نلت الكثير من الشهادات التقديرية والجوائز المحلية والعالمية.
وعن الفن واقع الفن التشكيلي أشارت قائلة، أرى تطورا كبيرا في الحركة التشكيلية في المملكة وذلك فيما شاهدته في المعارض الجماعية من المناطق المختلفة فأندهش وأعجب كثيراً وأفتخر عندما أرى أعمال إخواني وأخواتي التشكيليين والإبداعات التي يقدمونها اليوم ولم أعد أستطيع معرفة أسمائهم لكثرتهم.
* وحول أسباب الكثافة التي تشهدها الساحة التشكيلية؟
- تقول الفنانة شريفة السديري أن سبب التضخم هو تحسن مستوى مادة التربية الفنية منذ المرحلة الابتدائية فما فوق وكثرة مشاهدة المعارض والمسابقات الفنية مما تشجع الطلبة والهواة إلى المشاركة وكذلك لتوافر المواد الفنية بأنواعها وكذلك كثرة الكتب التعليمية في هذا المجال وأهم شيء هو تشجيع حكومتنا من خلال إقامة العديد من المعارض داخل وخارج المملكة.
* وحول الصعوبات التي تواجه التشكيليات؟
- أجابت قائلة: أعتقد أن الصعوبات شيء لا بد منه في مجتمعنا بالنسبة للفنانة التشكيلية خاصة في تقديم نفسها للآخرين، وقد يكون السبب عدم الترابط الواضح بين الفنانات والهاويات والطالبات والجمعيات والمدارس التي يكون لها مرشد ومشجع لها من يدلها ويعرفها على فرص المشاركة أو فرص حضور الدورات أو حضور المعارض ولكن المجتمع أغلبة لا يزال جديداً في التذوق الفني. وسيبدأ الترابط عندما تستطيع جذب المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية لحضور المعارض والمشاركة أو تنظيم المعارض الجماعية في المدارس حتى يتعرفوا على بعضهم البعض ويصبح هناك توعية وتوصيل المعلومات اللازمة إلى الطالبات حتى يستطيعوا التواصل مع الجهات التي ممكن أن تشجعهم وتتبناهم وتعرفهم بالفنانين والفنانات الذين بلغوا حدا معينا من الشهرة ويستفيدوا من خبراتهم.
* وفي إجابة على سؤال متى نصل بالفن التشكيلي السعودي إلى العالمية؟
- قالت: أعتقد أن التفكير بمتى نصل إلى العالمية في الفن هي بداية النهاية لروح الفن النابع أصلاً من القلب في الوطن وأغلب الفنانين العالمين لم يصلوا إلى العالمية إلا بعد أن جفت عظامهم ثم اكتشفهم العالم.
* كيف يكون رد فعلك حينما لا يعرف البعض أنك فنانة تشكيلية؟
- لا يحزنني هذا الأمر، ذلك لأنك حينما تذكرين لهم اسم فان جوخ أو رمبراندت أو ليوناردو دافنشي فلا يعني لهم شيئا ولكن لو تذكرين لهم اسم طلال المداح أو محمد عبده أو أم كلثوم فسيعرفون هؤلاء لأن الإعلام ولفترة طويلة يستطيع أن يوصل ويذكر ويحفظ في الأذهان هؤلاء، ولكن فنانة تشكيلية تشارك بعدد من المعارض في سنة واحدة ولا يحضر المعرض إلا جزء مختصر جدا من المجتمع وعرض ممل للخبر لمدة يومين وإن كثر ثلاثة فمن أين سيرسخ ببال المواطنين بعض الأعمال المعلقة على بعض الجدران في شارع ما أو مكان ما ولمدة أسبوع إلى عشرة أيام.
* هناك من يطالب بإلغاء مادة التربية الفنية من المناهج؟
- لا أعلم من هم هؤلاء من يطالبون بإلغاء مادة التربية الفنية ولكن إن عملوا ذلك فلن يكون هناك داع لنقاد الفن ولا المعارض ولا المسابقات ولا حتى لوحات دعاية البيبسي كولا أو الجوال ولا حتى نحتاج أن نكتب مقالة عن الفن التشكيلي في جرائدنا أو مجلاتنا، بل يمكن أن نستورد الفن فنحن لا نزال عند الصفر الذي قبل البداية في خط سير الفن التشكيلي.
* ماذا تودين قوله في نهاية هذا اللقاء؟
- أحب أن أقول إن الفن التشكيلي فن قديم ظهر قبل أن تظهر المدارس والمعاهد والكليات وقبل أن تظهر كلمة الفن أو مادة فن أو حتى قبل ظهور الفرشاة أو الكراسة أو الألوان الزيتية أو المائية، الفن يعود إلى عشرات الآلاف من السنين وأكثر، عندما كان البشر البدائيون يتعاملون بكلمات قليلة وإشارات كثيرة، أما رسوماتهم المنحوتة والمصبوغة في الكهوف وعلى الصخور فتعبر عن التذوق والحرص على تسجيل مظاهر حياتهم اليومية من صيد وحرب وغيرها لتوصيل المعلومات لكل البشر من دون لغة معينة.
وأعتقد أن هذه حقيقة لا تزال، فالرسم مثل الموسيقى، الكل يشعر بها ويراها ويفهمها وعكسها أدب الأديب والكاتب والشاعر، يجب أن تعرف القراءة وتفهم اللغة حتى تقدرها وليس الكل متمكناً من ذلك.
إن الفن تعبير عن رؤى مشاعر وفكر ويظهر في الحياة اليومية وفي كل مكان فهي ذوق وترتيب وتنسيق وتعبر عن روح أهله في اللبس والتخاطب والتعامل وهندسة المنزل والحديقة وحتى ترتيب السفرة وموديل السيارة أو رزة العقال وحط الشماغ، كذلك الخط وحتى فن الديكور والتصوير بواسطة الكاميرا والفن، والجمال موجود في الطبيعة في السهول والجبال والصحاري ومنظر غيوم الغروب والشروق فكيف لا نعبر عنها وهي الجمال المولود وفي الخضرة والماء والوجه الحسن.