Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/06/2008 G Issue 13041
الخميس 08 جمادىالآخرة 1429   العدد  13041
عيون مغمضة ومشهد يتيم!

اللحظة الحلوة التي كانت تنادي للحاق بها، لم تكن قادرة على التوقف لكي تسعف الراغبين بالانضمام إلى الرحلة الصاخبة، حتى وإن كانت مجرد لحظة، ولم تكن تلك البنايات التي توارت خلف طوابير الضباب قادرة هي الأخرى على إظهار قممها المتآكلة، ولا حتى منح الدفء لبشر وقفوا خلفها يقاومون الصقيع، اختفى الكل خلف أسوار الفجيعة، وتبقت قصة تافهة تقف أمام الملأ، لتقول ها أنذا، لن أغيب بسبب حمق لا يمكن أن ينال مني، ولا من ذكرياتي المتعجرفة، فأنا قبل كل شيء حكاية متناقضة، لا تثريب عليّ لو قذفت الوله في أعماق القيظ، ولو رميت الجوع في أحضان الشتاء، ولا لوم عليّ حين تنقض تفاصيل شقائي على أوردة آثرت البقاء في أحضان غيبوبة خاصة جداً، لم يكن لها أن تنقشع كما يفعل غبار مايو، يأتي فجأة، لكنه لا يغيب إلا حين يملأ العيون بذرات فزع لا تعرف كيف تتعامل معه، البقاء للأقوى، ونحن أيها الغريب أصبحنا أضعف من غبار، تلتهمنا اللحظة، ونختفي بداخلها، وتهيم بنا تلك المفارقات العجيبة التي لا نملك سوى التجني عليها بأنها كانت وما تزال أكثر إلحاحاً من لحظة أخرى لم تحضر بعد، واللحظات كثيرة، لكننا لا نجيد الحساب، ولا نعترف بعد الأوقات حيناً بعد حين، نصمت كثيراً ونحن نجتر البقايا الخالدة في أعماق اجترحها النسيم، وتولدت لديها الخطايا، فأصبحت كالخطوات التي تطرق بعنف فيسمع ضجيجها فوق رصيف سرمدي لا نهاية لوشمه على صحيفة احتضنها لون أسود، أو لعلها هي التي فعلت!.. أما في البعيد العاجل، فلم تكن النهايات ذات بدايات تذكر، حتى يمكن مصادرة لهيبها المعطر.. بدفء الجليد، لكن البقاء للأقوى ما تزال تئن فوق تلك المفارق المدهشة التي لم تتوار خجلاً، بل أصرت كثيراً على النبوغ والتجلي، فأفاقت على صوت لاذع يناديها كي ترحل مأسوفاً عليها، ورحلت، لكنها رافقت انطفاء الوريد المخضل بتعاسة الأشقياء، وهم يرقبون مرور غيمة قد تداهم أروقة صحرائهم التي لم تضحك ذات قهر لوجه الصباح، ولم تعرف أن المساء له موعده حتى تتوجه إليه طوعاً أو كراهية، وبالتأكيد فهي لن تنال من مشهد يتيم نزف حتى أفاق من موته، ولن تبقي رداء المواسم المتطلعة نحو الفناء بعين واحدة، أما الأخرى فقد بقيت مغمضة لا تجيد سوى النظر من وراء جفون مطبقة إلى ظلام بعث به الضوء.. عبر رسالة بلا عنوان!

فهد الصالح الفاضل - عنيزة


Falfadil@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد