بيروت - هناء حاج
في البداية استطاع المنتج العربي أحمد العريان أن يجمع الرأي العام العربي حول أوبريت (الحلم العربي) قبل عشر سنوات، الذي أراد من خلال إيصال رسالة إنسانية وقومية من خلال أصوات الفنانين العرب لما يحصل في الوطن الكبير في مواجهة عدو واحد هو (إسرائيل) عاد بعد مرور 60 سنة على النكبة ليقدم عملاً إنسانياً مختلف التوجه في بحث عما أنجز قبل عشر سنوات عبر أوبريت (الضمير العربي) الذي احتاج منه مجهوداً وإنتاجاً أضخم ومشاركة فنية أكبر لا يعتبرها العريان مشاركة محدودة بل عملاً فنياً مفتوحاً لكل من يود المشاركة، لأن الإضافات تجوز حتى لو كان العمل عرضاً وبثاً.
وبعد إنجازه المراحل الأولى بمشاركة 105 شخصيات غنائية وتمثيلية وإعلامية، وبدأت جولة العريان للعمل على بث الأوبريت تحديداً في 15 مايو الماضي الذي صادف ذكرى احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
وأثناء العمل على الأوبريت حصل الكثير من الأخذ والرد بينه وبين العديد من الفنانين، للاطلاع على بعضها التقته «الجزيرة» أثناء وجوده في لبنان، وأجرت معه لقاءً حاولنا خلاله أن نلقي الضوء على بعض جوانب العمل وأسباب مشاركة أو عدم مشاركة عدد من الفنانين، خصوصاً أن العريان ذكر أنه اتصل بكل الفنانين من أصحاب الأصوات للمشاركة في الأوبريت.
وفي البداية سألناه عن دعم الدول العربية للأوبريت مادياً فأكد العريان أنه لم يطلب دعماً من أي دولة، فهو يريد من هذه الدول أن تدعم البث ولا تعترض على بثه في يوم يمثل حزناً للعرب وفرحاً للاحتلال، وعن أسباب عدم عرض أوبريت (الضمير العربي) على العديد من المحطات التلفزيونية العربية إلا بمقابل مادي أو لأسباب أخرى، قال أحمد العريان: (الكثير من التلفزيونات من بين 530 محطة عربية قالوا بشكل شبه مباشر، بمعنى أن لديهم إعلانات وهذا الأوبريت لا يجذب الإعلان وسيخسرون بعرضه حتى لو كان ليوم واحد، أما المحطات اللبنانية التي رفضته عرضه فذكر العريان: (O. T. V) و(LBC) و(المستقبل) مع أننا قمنا بمحاولات ورمينا بثقلنا بكل الطرق لعرض يوم 15 مايو ذكرى النكبة).
وعن عدم البث برأيه، قال العريان: (الضمير العربي) عمل لا يتماشى مع كل السياسات العربية، لأن كل محطة تريد أن تفصّل ضميراً خاصاً بها وكل محطة تريد أن تمنتج الضمير من وجهة نظرها، وتشترط علينا (خلع) بعض المشاهد ووضع مشاهد أخرى، أنا لا أقبل لأي محطة أن تمنتج هذا الضمير ليصير عندي 56 ألف شكل من (الضمير العربي) منها في صور لا تعجب دولة معينة، ودولة لا تريد ألبسة معينة، وهذا صعب جداً، وهذه المشكلة الأوحدية والوحيدة.
كما ذكر العريان عن الفنانين الذين لم يشاركوا في الأوبريت فبعضهم رفض لأن الإنتاج لم يقدم بدلاً مادياً مقابل الغناء في الأوبريت، وتحدث عن رفضه هو لبعض الفنانين، في رده على سؤال حول رفضه لمشاركة الفنانة ميريام فارس تحديداً علماً أن مدير أعمالها غسان الشرتوني عرض 25 ألف دولار على الإنتاج مقابل دخولها إلى الأوبريت، فقال: (أريد أناس يغنون ولن أضعها كصوت في مقام أمل ماهر ولطيفة وشيرين ويارا وأصالة).
أما عن مشاركتها في الكورال قال: (لا ترضى هي أن تغني كورال ولا أنا أرضى أيضاً، هناك مشكلة كبيرة. لو جاءت ميريام فارس أحترمها وأقدرها، أنا أعرف صوت ميريام فارس مثل كل فنانات العالم العربي، ويجب أن أسمع الجميع لأرى أين تنشز ومساحة صوتها وأعرف وأحاسب وأعطيها نسبة من عشرة ولا يكمن أن أغير رأيي بما أراه، وهي ليست من ضمن الناس الذين أرى أنها فنياً يمكن أن تغني في الضمير العربي لهذا لم أكلّمها ولكني لست ضدها، وهناك بعض الأشخاص لم أتصل بهم أيضاً).
وعن عدم عرض مشاركة هيفاء وهبي عندما التقاها في الاستديو ولم يكلِّمها، قال: (فعلاً كانت هيفاء أمامي في الاستديو نفسه ولم أكلمها، ولو فعلت لأحرجت نفسي إذا وافقت، لأنها ليست هي الصوت الفني الذي سأضعه في الضمير العربي وصار لدي موقف محرج، وعندها لن أعود منتجاً فنياً بل شيئاً آخر لأني لا أعرف كيف أركِّب الأصوات، وبالتالي يطلع الضمير العربي (لبنة حنّة تمر هندي)).
وعن سبب مشاركة عدد من الفنانين، ذكر العريان أن عدد المشاركين وصل إلى 105 فنانين وإعلاميين من كل الدول العربية من مغربها إلى مشرقها وخليجها، وكل دولة كان لها مشاركة بمكان، وشارك كصوت مهم الفنان وديع الصافي في موال في أول الأوبريت لما يمثله من دعم للأوبريت وهو لبناني ويغني الوطنية. وكذلك شارك الفنان أحمد العزبي في السياق نفسه.
ورداً على سؤال عن الفنانين السعوديين الذين اتصل بهم للمشاركة، قال: (لا أريد الدخول بلعبة الأسماء إلا إذا سألتيني، وباختصار آخر لقد اتصلت بكل فناني العالم العربي (أي المطربين) واستثنيت من كل هذه الاتصالات السيدة فيروز فقط أما الباقي فأي اسم سيخطر على بالك من المطربين الحقيقيين من كل أقطار الدول العربية اتصلت بهم ومنهم من أقنعني باعتذاره وأنا قبلت ومنهم من لم أقتنع بالرفض وهذا خيار خاص بهم أحترمه).
وفي تأكيد بسؤالنا عن الفنانين السعوديين تحديداً، قال: سأختصر هذا الأمر. شاركت من السعودية الفنانة وعد وكان أداؤها رائعاً كما رأيتهم وأكرر اتصلت بجميع المطربين أصحاب الأصوات والقدرات الصوتية ولكل منهم سبب رفضه المشاركة وأنا لا أستطيع أن أفرض على أحد رؤيتي.
وعما إذا كان رفض المشاركة لأسباب مادية، قال: منهم من كان رفضهم لأسباب مادية لأن الضمير العربي ليس عملاً تجارياً وهو منتج غير مربح ومنهم كانت أسبابهم مختلفة.
وفي سؤال عما إذا كان الفنانون الكويتيون مثلاً الذين شاركوا هم يمثلون الكويت، قال متسائلاً: كم ممثلاً يوجد في الكويت؟ شارك الفنان عبدالله الرويشد والفنانة نوال، وكذلك شارك في العمل 13 ممثلاً وممثلة وهم من أكبر نجوم الكويت بينهم حياة الفهد سعاد العبدالله ومحمد المنصور وداود حسين وأحمد الصالح وغانم الصالح وغيرهم.
وعمن وكّله ليقول هذا ينفع وذاك لا ينفع فكلهم يمثلون بلدهم، قال: الممثلون يغنون كورال ولا يغنون طرب فعندما نأتي بالسيدة حياة الفهد وهي تاريخ التلفزيون وهي من افتتحت التلفزيون من العام 1964، وأكبر اثنين في الكويت هما سعاد العبدالله وحياة الفهد.
وهما لا تتكلمان مع بعضهما من عشرين سنة، وأنا في الضمير جلبتهما وأوقفتهما خصيصاً إلى جنب بعضهما البعض، هذا ما عقّد الكويتي كيف بأحمد العريان استطاع أن يجمع النجوم وأهرامات الكويت مثل دواود حسين أيضاً ومحمد المنصور.
مع أن العريان أضاف العديد من الأصوات وطلب كما ذكر مشاركة تقريباً كل الفنانين العرب، إلا أنه في المقابل ألغى بعض الأصوات ولم ينكر الأمر ولكنه أوضح الأسباب قائلاً: ألغينا ثلاثة أصوات منها حكيم وهو صديقي حتى اليوم لكن الأداء كان له مختلفاً وهذه وجهة نظري أنا الفنية، ولكن أنا من يقول أين يركب الصوت وهو كان المطرب 23 في كوبليه لبنان عن حرب تموز، وكان يغني كلاماً مختلفاً ويقول: (حيرجع لبنان أجمل وحيفضل دائما باقي.. أرض فلسطين تكمل والحق يعود لعراقي) وكل هذا غير موجود، وألغيت المقطع لسببين: الأول أنه يقول (حيرجع لبنان أجمل) وعندما بدأنا المونتاج مرت سنة وانتهت الأوبريت في 2008، والكلام لم يعد مناسباً ثانياً: وجدت أن حكيم يغني طبقات عالية وشعبي، ونحن نسمع طربي كله بمستوى بعض وعندما يأتي الصوت عند حكيم (يفصل) مثلما نكون نتكلم وأحد يطرق على الباب يفصل تركيزنا وهكذا لا يمكن أن يبقى الغناء في نفس المزاج الفني وبالنسبة لي هذه أطول أغنية في تاريخ الفن.
وعليّ أن أجعل المستمع يمشي أول الخط ويصل إلى آخره دون أن يفصل والصوت يفصله.
وإبراهيم الحكمي لأن صاحب الشركة لا يريده أن يكون موجوداً وهو من أصرّ ولا نريد إشكالات بعد التسجيل وبما أن صاحب الشركة لا يريد فلماذا نقدم العمل بالقوة.
وفي النهاية أعلن المنتج أحمد العريان توبته ممازحاً حول سؤال عن إنتاجه لعمل ثالث بعد (الحلم العربي) و(الضمير العربي) قال: صراحة كان لدي تفكير ولكن حقيقة أعلن انسحابي وتوبتي من هكذا أعمال.