لم يكن من تداعيات الفن وتبعاته في عصرنا اللزج والرخو.. والمتحول نحو مقاصد تفتك بجوهره الجميل..
ونماذجه الراقية.. إلا أن يزج برموزه ونماذجه (ممثلين ومطربين).. في خانة التنظير الفج.. وإسهال الكلام البارد..
ومفارقة المكاشفات المعتمة..!
** إذ دشَّن عصر (العرَّاب) نيشان بدايات فاقعة المجانية.. فارطة في الرداءة والامتهان للفن وأهله..
وكانت قناته.. حفيَّة بهكذا (طرح) كإستراتيجية لملهاة عيية.. تستجمع نحل المشاهدين على ذرات سُكرها.. حتى تضمن اعتيادهم على برامج من شاكلة كلام نواعم.. والنجم الشيف.. وغيرها..
فأضحت رائدة تسليع القيم والتقاليد
.... بدعوى أخلاقية وترفيهية باهتة.. تخترق الوعي.. بكل صلافة وجبروت..
** وإن كانت مع (نيشان) وزمرته.. سخية حد الابتذال.. إذ تقوم فلسفة النمط الكاريكاتوري على اجتلاب المطربين.. للإمعان في كشف حياتهم الخاصة ومواقفهم الإشكالية.. ونظرتهم (للكون والحياة والناس...) وشيئا من فضائح مخجلة.. وانعطافات معتمة..
وأخرى باهتة لا لون ولا طعم لها..
** (مأزق) يغذي شريان نجومية (المقدم) وشهرة القناة.. ويحثو في وجوه المشاهدين غبار الاجترار السقيم.. لقضايا لا تعنينا..
بل.. شوهت صورا ذهنية نمطية.. رسمها المشاهدون لنجومهم.. عن الرجولة بصدق متناهٍ.. وعن المواقف بسموها ونبلها.. والحياة بشفافية واحتراف..
وعن الإنسان بحالاته المتعددة بفنيات راقية...
(ولو كان كل ذلك تمثيلا).. فباتوا نجوما محترمين من خلال أدوارهم (التمثيلية) فقط..!
بينما هم.. وتحت مطرقة (نيشان)..
ينكشفون على حقيقتهم بكل خيلاء
وتهافت وهشاشة.. وضمور فطري في القدرة على مواجهة الجدّ والواقع..!
لتتضاءل الصورة الذهنية وتذوب..
ويتحول النجوم الكبار.. إلى مهرجين صغار..
ودَّ مشاهدوهم لو ظلت إشراقتهم التمثيلية المزيفة باقية على جوهر الفن وأدبياته ومقتضياته..
** (مطربون).. طالما آنسونا بأدائهم الراقي وفنهم الخلاق.. وطالما تساموا بنا في آفاق الغناء المحترم وإيقاعات الشجن المصفَّى.. والفرح النبيل..
حتى حولهم (نيشان) إلى مفتين ومنظرين.. وكائنات ضئيلة.. تختنق
بأزمة تفكير وتعبير.. حيث قوَّض (العراب) كيان سنين من سير فنية مضيئة استقرت في الذاكرة.. فإذا بها تتهاوى في شركٍ بائس.. رسم (نيشان) حدوده بمكر مبطن.. لا يلوي إلا على مزيد من تصفيق الأكف الباردة.. ومزيداً من سيل الإعلانات الوفير.. المنتشية بربيع الفضائح والممعنة في تشويه الفن والجمال في عيوننا.
md1413@hotmail.com