الحديث الذي أدلى به سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز لدى لقائه السفراء العرب في إسبانيا يحمل مضامين سياسية في غاية الأهمية، وجديرة بالدراسة والتأمل، وهي نابعة من رجل عرك السياسة، وخبرها، كما عرف عنه حبه لأمتيه العربية والإسلامية وحرصه على كل ما يرفع من شأنهما.
أولى هذه المضامين أن الأمة العربية تملك مقومات حضارية كبرى إذا تم استثمارها غدا العرب على رأس الأمم الحضارية كما كانوا في السابق. فالأمة العربية تشرفت بالإسلام وبخدمة المقدسات الإسلامية، كما يمتلك العرب مخزوناً هائلاً من الثروات الطبيعية وخصوصاً النفط والغاز، كذلك يتمتع العرب بمناطق زراعية شاسعة قادرة على توفير الغذاء للعالم كله، وليس للعرب وحدهم.
بالإضافة إلى المقومات السياحية والبشرية وغيرها من المقومات التي قلما تتوفر جميعا لأمة من الأمم، وهذه الخيرات والنعم التي أنعم الله بها على الأمة العربية جعلت هذه الأمة معطاءة، وهكذا وجب أن تكون.
ثاني هذه المضامين وهو متعلق بالسابق هو أن العرب لن يستطيعوا استثمار هذه المقومات ما لم يصفوا الأجواء فيما بينهم، ويحلوا خلافاتهم في جو من الود والإخاء.
فالخلافات كما أكد الأمير سلطان بن عبدالعزيز مهما تعددت فهي تظل خلافات بين الأخ وأخيه، كما أنها تظل شكلية وليست جوهرية، فالقضية العربية قضية واحدة، ولا توجد قضية لأخ ضد أخيه.
وطالما أن الخلافات العربية تحل داخل البيت العربي فإن صوت العرب أمام العالم سيكون واحدا، وكلمتهم واحدة، وهذا كفيل بإذن الله أن يدعم قضاياهم في المحافل الدولية.
كذلك، من المضامين التي يخرج بها المتابع من حديث الأمير سلطان، أن الأمة العربية لا غنى لها عن الأخذ بأسباب الحضارة من علوم وتقنية والتعاون من الأمم الأخرى للاستفادة مما وصلوا إليه من تقدم في هذه المجالات، فذلك يدعم ما يملكه العرب من مقومات طبيعية.
فالتنمية في العالم العربي بحاجة إلى أن تكون مبنية على الدراسات العلمية الحديثة، والوسائل التقنية المتطورة كيف تحقق أهدافها، وبدون ذلك لا يمكن تحقيق ما تنشده الشعوب العربية من رفاهية وازدهار.