تعني الخصخصة نقل ملكية قطاع خدمي أو إنتاجي معيّن من ملكية الدولة - أو القطاع العام - إلى القطاع الخاص مقابل مبلغ معيّن، ولهذا فإنّ عملية الخصخصة تعتمد على وجود ثلاثة أركان:
- الأول: المخصخِص: بكسر الخاء الثانية وهو المالك - البائع.
- الثاني: المخصخص: بفتح الخاء الثانية وهو العين محل التفاوض.
- الثالث: المخصخص له: بفتح الخاءَيْن وهو المشتري.
ولا تقع الخصخصة مطلقاً في أي وحدة من وحدات القطاع الخاص، وتلجأ الجهات المعنية بالأمر في القطاعين: الحكومي - العام إلى عملية الخصخصة بالنسبة للمشاريع - الوحدات التي تزيد فيها التكلفة عن العائد منها في القطاع العام أو التي تزيد فيها التكلفة عن الاعتمادات المخصصة لها بصفة دائمة، وتكاد تنعدم الجدوى من تشغيلها.
ويلجأ القطاع الخاص - رجال الأعمال إلى شراء هذه الوحدات لغرض واحد فقط هو التربّح من ورائها ليس إلاّ، ولذلك ما إن تتم عملية الخصخصة حتى تدبّ الدماء الشابة في جنبات هذه الوحدات وتسري في أوصالها فيزدهِرُ الإنتاج بعد كساد وتنشط الحركة والحياة بعد خمول.
وكذلك - ولذلك تلجأ الحكومات إلى هذا الأسلوب لأسباب عدّة، منها:
1- التخلص من أعداد العمالة متدنية الإنتاج وتبعاتها.
2- تنشيط الحركة الاقتصادية بها من خلال توفير سيولة يمكن ضخّها في ميادين أخرى أكثر إنتاجية ومردوداً، وتوفير فرص وظيفية أخرى جديدة.
ولهذا فإنّ الخصخصة سياسة ناجحة - بكل الأبعاد والمقاييس لكلا الطرفين ما اجتُنِبت الأهواء والمصالح الفردية وأرقام الحسابات السرية.
3- تحسين مستوى الخدمة التي يطّلع بها المرفق.
وبتاريخ 29 جمادى الأولى 1429هـ كتب الدكتور حمد بن إبراهيم المنيع - أخصائي تخطيط وتطوير تنظيمي - تحت عنوان (لكي تنجح الخصخصة) يقول: (إنّ هذا الأسلوب لن ينجح ما لم يحقق ما ينشده المجتمع منه ما لم تتوافر فيه عناصر مهمة يمكن إبراز أهمها في:
1- تنمية وعي قيادات المرفق المراد تخصيصه بأهمية التخصيص وإبراز الحاجة إليه والاقتناع بذلك، ذلك أنّ ضعف القناعة بالتخصيص وعدم حماسة هذه القيادة لتطبيقه سيؤديان بشكل مباشر إلى إخفاق مجهودات التخصيص).
وأقول: (إنّ عملية الخصخصة تعنى نقل ملكية المرفق تماماً وأيلولة إدارته - كاملة - للمخصخَص له، حتى وإن أبقى على كل - بعض الكوادر السابقة فإن من المسلّم به أنه سينتهج سياسة جديدة وآلية جديدة تضمن له كفاءة التشغيل وترشيد النفقات مما يضمن له ربحية جيدة، وبهذا - فقط - يحقّق هدفه من هذه الخصخصة). وعلى القيادات السابقة إما أن توفّق أوضاعها أو أن ترحل، وليس أمامها خيار ثالث.
2- تشخيص واقع المرفق المراد تخصيصه بجمع المعلومات والبيانات الوصفية:
الكمية والتوعية - المقصود: النوعية - عن المرفق وفروعه وما يجري به من أنشطة والتعرف على الإمكانيات والطاقات المادية والبشرية ما يعانيه من مشكلات وصعوبات بهدف تعزيز الجوانب الإيجابية وتلافيه للسلبيات وقضائه على المشكلات والمعوقات.
وأقول: (هذه أولى الخطوات التي يبدأ بها المخصخَص له حيث يبدأ بإعداد دراسة جدوى تتمثل في كل ما ذكره الدكتور، وبعد المقارنة بين الكلفة والعائد - المتوقعين - يقرر أيبدأ أم يتوقف).
3- قد يترتب على عملية التخصيص بانتقال مسؤولية إدارة المرفق من القطاع العام إلى القطاع الخاص مقاومة من العاملين في المرفق أو بعض منهم.
ورفضهم لفكرة التخصيص، فعلى المخطِّط أن يضع الوسائل لمعالجة هذه المقاومة.
وأقول: (1- هذه الفكرة سبق تغطيتها في الفقرة الأولى.
2- لأن الخصخصة هي عملية نقل ملكية مرفق وبالتالي نقل إدارته فليس من حق أي من الكوادر السابقة رفض فكرة الخصخصة أو الاعتراض عليها إلا في حدود ما يقرّه النظام من حقوق ومزايا).
4- أما قوله: الأخذ بالأسلوب العلمي في عملية التخصيص بتحديد الأهداف العامة والتفصيلية المنشودة من التخصيص وتوفير الإمكانات المادية والبشرية وسنِّ الأنظمة والتشريعات اللازمة لإنجاح عملية تطبيقه.
أقول: (أيضاً هذه أمور تخص المخصخَص له وهي من الركائز الأساسية في دراسة الجدوى التي سيعتمد عليها، وإليه وعليه يعود نجاح عملية التطبيق).
5- وقوله: تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص أمام مؤسسات القطاع الخاص في التقدم لإدارة المرفق الجاري تخصيصه في ظل شروط وضوابط محددة.
أقول: (من المؤكد أن عملية الخصخصة تحكمها شروط وضوابط محددة كنظام مشتريات الحكومة ونظام العطاءات والمناقصات العامة والتصنيف).
6- وقوله: أن يكون للمجالس التشريعية دَوْر في دراسة عمليات التخصيص للنظر في مدى فائدتها ونفعها للمواطن والدولة والوقوف على المردود الإيجابي المتوقع عند تطبيقها.
أقول: من المؤكد أن نظام الخصخصة - قبل تطبيقه - وكأي نظام لا بد من إقراره من مجلس الشورى بعد عرضه على اللجان المتخصصة ومكتب الخبراء ثم يتم رفعه للمقام السامي للموافقة واعتماده.
7- وأما قول الدكتور في الفقرة الأخيرة: ربما كان التخصيص عبئاً على المرفق مما يسببه من تدن في مستوى الخدمة المقدمة.
أقول: (لن يكون التخصيص عبئاً على المرفق بأية حال إذ هو استنفار لكل طاقات المرفق البشرية والإنتاجية ليس هذا فحسب بل تحويل الطاقات الخاملة إلى طاقات منتجة، ومع زيادة الإنتاج يزداد الدخل فيرتفع المستوى المعيشي والاجتماعي فيزداد الإنتاج من جديد ويزداد الدخل تباعاً.. وهكذا.. فكيف يكون التخصيص عبئاً على المرفق؟ إن المستثمر - المخصص له يحرص أشد ما يحرص على نظرية ال Q and Q.)
وفي الختام.. بقيت نقطتان يلزم الإشارة إليهما:
1- لفظ (الكمية والتوعية) الوارد بالفقرة الثالثة صوابه (الكمية والنوعية) وهذا خطأ مطبعي دونما شك.
2- مع أن موضوع المقالة وعنوانها عن الخصخصة إلا أن صلب الموضوع دار حول لفظ التخصيص وتكرر هذا اللفظ (التخصيص) (18) ثمانية عشر مرة مع أنه لا علاقة بينهما سوى تشابه بعض الحروف.