سارع نوري المالكي بالتوجه إلى طهران لإقناع الإيرانيين بعدم اعتراض طريق توقيع الاتفاقية الأمريكية العراقية، وسعى المالكي إلى إيضاح موقفه وموقف الأحزاب الشيعية المسيطرة على الحكومة العراقية من هذه الاتفاقية التي من أهم الأسباب التي جعلته يعمل على إنجازها مع الأمريكيين هو إبقاء النفوذ (الطائفي)، وعدم التخلي عن نظام المحاصصة الذي يتيح للأحزاب الشيعية الطائفية السيطرة على الحكم، وإبعاد الكفاءات الوطنية التي في أغلبها ترفض السقوط في فخ الطائفية، وكون جميع الأحزاب الطائفية حليفة لإيران وبعضها يأخذ بنهج ولاية الفقيه، فإن من مصلحة إيران تأييد هذه الاتفاقية وعدم معارضتها ويجب ألا تعمل طهران على إسقاطها، كما فهم من المعارضة الإعلامية لها بين أوساط حلفاء إيران سواء في العراق أو في لبنان.
ويرى المالكي أن المعارضة الإعلامية الإيرانية والجهات المرتبطة بها ستدفع الأطراف الأخرى إلى تأييدها، وهو في صالح إيران لأن من أهم بنود الاتفاقية الحفاظ وتأييد ومساندة وبقاء الأحزاب الطائفية التي تعاونت مع أمريكا في غزو العراق واحتلاله.ولذلك فلا مانع من (المعارضة الإعلامية) إلا أنه لا يفترض أن تضغط طهران على حلفائها لرفضها بل العكس من ذلك حثهم على تأييدها..!!
وفعلاً فإن الكثير من أعضاء جبهة التوافق السنية ترى أن الاتفاقية جيدة، وأنها تحفظ أمن العراق وتحميه من التدخلات الإيرانية..!!
وهذا الموقف من بعض أعضاء جبهة التوافق لا ينسجم مع هذا الرأي، فالقيادي في الجبهة الدكتور ظافر العاني يرى أن كل من يرحب بعقد الاتفاقية إنما هو ضعيف في جماهيريته وأنه فاقد للشرعية، لأن الاتفاقية ظلم مجحف بحق العراق والعراقيين.
ورأي الدكتور العاني لا يتوافق مع رأي رئيس مجلس النواب محمود المشهداني عضو جبهة التوافق الذي يتفق مع رأي الدليمي، ويذكر أن خروج القوات الأمريكية سيحدث فراغاً أمنياً وسياسياً ستملؤه إيران لوجود جماعات متحالفة معها من الأحزاب والمليشيات الطائفية، وبما أن العرب غائبون عن الساحة العراقية والأتراك لا تريدهم الأحزاب الشيعية، فإن من مصلحة السنة توقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية..!!
هذا القول لا تأخذ به المقاومة العراقية التي قاعدتها الكبيرة من السنّة، فالمقاومة العراقية ترى أن مستقبل هذه الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الأمد محكوم عليها بالفشل الحتمي. بدليل أن أكثر من مشروع أمريكي مهم قد أفشلته المقاومة العراقية، ومنها مشروع الشرق الأوسط الكبير، ومشروع تقسيم العراق. وعليه فإن هذه الاتفاقية ومهما سعت إدارة بوش في تنفيذها عاجلاً، فإنها محكوم عليها بالفشل الحتمي آجلاً، وإلا ما لاقت إدارة بوش كل هذا الاستنكار الشعبي والسياسي للعراقيين الأحرار وفي عدة مدن. فضلاً عن نقد بعض المفكرين الأمريكيين.
jaser@al-jazirah.com.sa