احتفاء أسبانيا الكبير بسمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز والذي تضمن كسرا لبروتوكولاتها في استقبال ضيوفها من القادة يؤكد عمق العلاقات السعودية الأسبانية، وحرص مدريد على تعزيزها لتمام معرفتها بأهمية المملكة في الساحة الدولية، ولثقلها الكبير في العالمين العربي والإسلامي، بحكم مكانتها الدينية الخاصة في أفئدة المسلمين، لرعايتها الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
والدول العربية تتطلع إلى الدور الريادي للمملكة وإلى استثمار علاقاتها الواسعة بالدول الكبرى لمصلحة القضايا العربية العادلة. والمملكة بحكم قيادتها الروحية للعالم الإسلامي تضطلع بدور كبير في ذلك، وقد نقلت الصوت العربي للمحافل الدولية وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، من أجل تقديم الحلول لأزمات العالم العربي، والحيلولة دون تفاقمها.
ولا ننسى أن المبادرة العربية للسلام التي تبنتها قمة بيروت عام 2002م انطلقت من المملكة وبمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وانطلاقا من المكانة التي تحظى بها المملكة عالميا، فإن زيارة سمو ولي العهد لأسبانيا لن تعود بالنفع على البلدين الصديقين فحسب، وإنما ستعزز بإذن الله العلاقات الأسبانية العربية، وخاصة وأن الأمير سلطان بن عبدالعزيز معروف بحنكته السياسية وقدرته الدبلوماسية الفذة، والتي دائما ما يسخرها من أجل مصالح شعب المملكة والشعوب العربية والإسلامية، ولذلك فإن شعورا كبيرا بالثقة يعم الأوساط العربية والإسلامية في أسبانيا بنجاح هذه الزيارة، وبأهميتها في تقريب وجهات النظر الأسبانية العربية.
وبالمقابل فإن أسبانيا معروفة بدعمها للقضايا العربية، ومن عاصمتها انطلقت عملية السلام، وهي دولة لها أهميتها الكبيرة في المجتمع الدولي، ولذلك فإن تطوير العلاقات العربية الأسبانية يعمل على استمرار الدعم الأسباني لحقوق العرب والمسلمين، وزيادة تفهمها لقضاياهم، في مواجهة التعنت الإسرائيلي واستمراره في تعطيل مشروع السلام عبر إصراره على بناء المستوطنات، والعمليات العسكرية التي يقوم بها في قطاع غزة.
إن العالم العربي بحاجة إلى توثيق علاقاته بدول العالم ومنظماته كي ينال حقوقه المشروعة، والتي أقرتها قرارات دولية عديدة، ولا يمكن من توثيق هذه العلاقات إلا بالدبلوماسية الناجحة والقائمة على التواصل في جميع المجالات السياسية والتجارية والثقافية وغيرها من المجالات عبر الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، كمذكرة التفاهم الدفاعية السعودية الأسبانية الأخيرة على سبيل المثال.