يعلم الجميع ما لصقل المواهب الرياضية منذ الصغر من دور مهم وفعال للحصول على جيل مستقبلي يقود حركة الرياضة في اتجاه التطور الذي يطمح له الجميع في كرة القدم التي سيكون محور حديثنا هنا حولها، ولا يخفى على الجميع ما السلبيات التي تترتب على إهمال هذه المواهب وعدم الاهتمام بهم وتجاهلهم بحجة أن ما يقومون مضيعة للوقت وهدر لطاقاتهم من غير فائدة على حسب بعضهم ممكن أن يكونوا في موقع السلطة على هؤلاء الموهوبين.
وما نعانيه حالياً من افتقار للاعبين المميزين في أنديتنا هو أكبر دليل على هذا الواقع السيئ الذي لا يستطيع أحد إنكاره، والذي سنرى آثاره في كل الأجيال القادمة طالما استمر الوضع على هذا الحال.
ولو بحثنا عن أهم الأسباب التي حجبت ولادة المواهب في كرة القدم لوجدناها عديدة وليس من الصعب معالجتها إلا بوجود بعض العوامل التي تحدث هذا التغيير.
المدارس... مكمن المواهب
يؤسفنا كثيراً ما يحدث في بعض المدارس إن لم تكن أعظمها من تجاهل تام لمادة التربية الرياضية وجعلها من آخر الأولويات من اهتماماتهم في التعليم، فتجد المعلم مع بداية الحصة الرياضية يرمي الكرة على الطلاب ويطلب منهم اللعب وفور سماع صوت جرس انتهاء الحصة ينهون لعبهم ويخرجون للفصل دون مراعاة لتلقينهم بعض الأساسيات الرياضية والمعلومات المهارية وأخلاقيات اللعب التي تفيدهم في مستقبلهم الرياضي بشكل عام، فمن المفروض أن يكون هناك اهتمام أكبر بهؤلاء الشبان والسعي لمجاراة ميولهم الجنونية في بعض الأحيان في حصة التربية البدنية وصقلها وتطويرها.
حتى الطالب الموهوب في كرة القدم والذي يلعب في خارج المدرسة في الحواري والشوارع يعتبر في نظرهم الطالب المهمل، حتى وإن كان متفوقاً في مواده الدراسية الأخرى، ولكن علته الوحيدة كما يرون أنها كذلك هي التولع في كرة القدم.
الفكرة عند الآباء... لم تتغير
للأسف لا تزال فكرة ممارسة كرة القدم من قبل الأبناء عند الآباء فكرة سلبية على اعتبار ما تشكله كرة القدم من نتيجة سلبية على أخلاقيات الأبناء ومشوارهم الدراسي على حسب ظنهم، ولو ألقوا نظرة على بعض اللاعبين المميزين في الدوري السعودي أو أي دوري عالمي لوجدوا كثيرا منهم أشخاصا ناجحين في حياتهم وخريجي جامعات ومربين أجيال وأصحاب أملاك تجارية.
فكرة القدم أصبحت الآن مصدرا ماديا قويا جداً لكثير من اللاعبين وهذا ما يتناساه بعض الآباء بحرمان أبنائهم من ممارستها، وهذا من وجهة نظر الكثيرين عامل صعب جداً يواجهه الأبناء ممن صحوا على عشق كرة القدم على اعتبار عدم قدرتهم على عصيان أوامر آبائهم والاستسلام للأمر بترك ممارسة هذه اللعبة.
أكاديميات الأندية...
وخطوات مبشرة بالخير
سمعنا في الفترات الماضية عن إنشاء بعض الأكاديميات لتعليم وصقل مهارات كرة القدم في بعض الأندية للموهوبين، وهذه الخطوة تعتبر مبشرة بخير لمستقبل أفضل على اعتبار ما سيشكله هؤلاء الموهوبون من دعامة قوية للأندية والمنتخبات بجميع فئاتها، وعندما نأتي بسيرة الأكاديميات الرياضية فلا ننسى أن نذكر الأكاديمية التي تعتبر على هرم كل هذه الأكاديميات بقاعدتها وأساساتها وما تعتمد عليه من إستراتيجية مستقبلية وهي الأكاديمية التي افتتحت مطلع عام 2008م بالتعاون مع نادي برشلونة التي مقرها العاصمة الرياض، والتي يتولى إدارتها الأستاذ عادل البطي، كما أن لهذه الأكاديمية موقعا آخر بالدمام ولكن التعاون سيكون مع نادي أي سي ميلان الإيطالي، حيث إن هذه الخطوة تعتبر بداية رائعة لصقل المواهب وحصد هذا الصقل والجهد مستقبلاً.
اليابان.. تجربة نموذجية ورائدة
قبل فترة طويلة سمع الجميع عن قيام اليابان بخطوة جريئة جداً في مضمونها وتنم عن تخطيط وفكر فريدين من نوعيهما، حيث قام المسؤولون عن الاتحاد الرياضي في اليابان باختيار مجموعة كبيرة من اللاعبين صغار السن وإرسالهم للبرازيل لصقل مواهبهم هناك في منبع المهارات ودولة الريادة في كرة القدم،وجعل هؤلاء الشبان لفترة طويلة ومن ثم إحضارهم والاستفادة مما تعلموه هناك.
تقريباً هذه الخطوة يعتبر فيها شيء من الصعوبة نوعاً ما على اعتبار أن القليل جداً سيقبلون بمبدأ الغربة في دولة كدولة البرازيل،بالإضافة للميزانية الضخمة التي تلزم لتمويل مثل هذا المشروع.
ولكن بالجانب الآخر قد تكون هناك حلول مشابهة وذلك بإحضار عظماء اللاعبين القدماء مثلاً وتجهيز مدارس داخل أحياء المملكة بتمويل مثلاً من الاتحاد السعودي أو الشركات وتقوم هذه الجهة بتمويل هذه الفكرة.
طارق الحميد