قال الله تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة آل عمران: الآية (104).
من الثمار الدعوية في هذه الآية:
أولاً: تضمنت الآية أمراً من الله تعالى، وذلك في قوله سبحانه (ولتكن) والأمر يقتضي الوجوب. والوجوب هنا فرض والفرض إما فرض عين أو فرض كفاية. والذي رجحه كثير من أهل العلم أن الأمر هنا فرض على الكفاية يختص بأهل العلم الذين يعرفون كون ما يأمرون به معروفاً وينهون عنه منكراً؛ إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين وإذا تركوه جميعاً أثموا.
ثانياً: في قوله تعالى (منكم) تحتمل أن تكون (من) للتبعيض أي بعضكم وتحتمل أن تكون لبيان الجنس؛ أي من جنسكم.
ثالثاً: الأمة هنا المراد بها الجماعة، ويفهم من هذا أن الدعوة الجماعية أقوى - لا شك - من الدعوة الفردية؛ فكلما كانت هناك مؤسسة دعوية تضم مجموعة من العلماء وطلبة العلم يتقاسمون الأعمال الدعوية يكمل بعضهم بعضاً كانت النتائج أفضل وأدق، وهذا مجرب.
رابعاً: ذكر في الآية ثلاثة أشياء: الخير ثم عطف بالأمر بالمعروف ثم عطف بالنهي عن المنكر؛ فالخير عام وذكر بعده الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من الخير - ولا شك -؛ ليدل على أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الدعوة إلى الخير دعوة إلى كل ما أمر الله ورسوله به من توحيد الله والصلاة والزكاة وغيرها.. تكون بالوعظ والتذكير والترغيب. وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيلزم منه حمل الناس على هذا الخير وأطرهم عليه أطراً، وإلا فلا أقل من نهيهم عن التعدي على حقوق الناس، وهذه من أعظم مقاصد الشريعة؛ إقامة العدل بعدم تمكين الإنسان من إيذاء نفسه أو حتى إيذاء الآخرين.
خامساً: ترتب الفلاح المعهود الذي يعرفه كل أحد وحصوله لكل من اتصف بهذه الصفات المتعدية النفع (الدعوة إلى الخير)، (الأمر بالمعروف) (والنهي عن المنكر). ومن أعظم الفلاح الدنيوي نجاته من عذاب الله إذا حل بالفاسدين المفسدين والمسلمين المفرطين بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى: (... أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ).
*حائل
hailQQ@gmail.com