جازان - عبده سيد
يجمع أحمد محمد يحيى ما صنعه من مهنة الحدادة خلال الاسبوع، ويتجه من قريته شمال ابو عريش الى سوق (الصميل) لبيعها كل أربعاء. ويتخذ احمد من ذاك المكان الذي الفه طيلة عشرين عاما ليعرض ما صنعت يداه من مساحي المزارعين الى المجارف وشفر الذبح وغيرها.
ويشهد سوق أبو عريش الشعبي إقبالا كبيرا من كل أفراد المجتمع في أبو عريش ومن خارجه (رجال ونساء وأطفال)، وهو سوق أسبوعي يقام كل أربعاء منذ حوالي 40 سنة سمي منذ القدم بسوق (الصميل) وبقي على هذا الاسم إلى يومنا هذا.
ويعتبر من الأسواق المهمة في المحافظة ويتركز على الجوانب التراثية والصناعات الحرفية التي كانت تصنع منذ القدم، وبقي الآباء والأجداد إلى اليوم بهذه الصناعة ومنها (الميفا والمغشات والمطاحن والحياسي وآلات الزراعة والذبح والقعادة) وغيرها من الصناعات التي كانت تصنع وتستخدم في المنازل، ويحتفظ هؤلاء بتلك الصناعات إلى يومنا هذا فلا تجد رجلا كبيرا في السن يستخدم الصناعات الحديثة لأنها في نظره لا تحتفظ بجودتها مثل التي تصنع بيده، وكما يوجد بالسوق كثير من الأغراض المستخدمة حديثا، يمتاز السوق الشعبي برخص كبير في الأسعار مقارنة بالأسعار في المحلات الحديثة.
وأصبح السوق اليوم بمثابة عادة أسبوعية لابد من زيارته والوقوف فيه، والذي يدخله لا يحب الخروج منه رغم بساطته وبساطة الناس المتواجدين فيه. الأصوات مرتفعة وكل شخص يساعد الآخر قلوب بيضاء وجمال في الروح، وعندما تدخل تجد كل الناس يحاولون خدمتك بشتى الطرق نساء ورجالا ولا تكاد تمشي من جانب أحدهم الا وتلقى ابتسامة عريضة تشعرك بأن الحياة بدون هؤلاء قد تكون مملة.
وفي جولة ل(الجزيرة) التقينا بالشاب هادي شويهي الذي كان متواجدا من الساعة السادسة صباحا فهو يفرغ نفسه كل يوم أربعاء ليقضي مستلزماته، وأضاف إن هذا التسوق الاسبوعي عادة اكتسبها من أبوه منذ كان صغيرا وقال هادي إن سوق الاربعاء في أبو عريش جميل بكل ما تحمله هذه الكلمة فتكفيك المتعة التي تحس بها وانت تتسوق بداخله.
ثم التقينا بالعم أحمد حمود الذي يبلغ عمره نحو السبعين سنة يقول العم أحمد إنه اعتاد المجيء إلى هذا السوق منذ كان شابا فمنذ افتتاحه وهو أسبوعيا لابد أن يقوم بزيارته ولم ينقطع عنه أبدا فجميع مستلزماته المنزلية من هذا السوق سواء الدائمة أو المؤقتة ويضيف العم احمد: إن الأسواق الحديثة كثيرة ولكنها خالية تمام من الجودة مقارنة بأسواق الآباء والأجداد فهي تصنع بأمانة ومن أشياء جودتها تكون عالية.
ويقول حسن جرادي إن سوق (الصميل) تتوفر به جميع المستلزمات المنزلية وبأسعار مخفضة جدا وأن هذا السوق يعتبر تراث لمحافظة أبو عريش كونه من الأسواق القديمة ويضيف حسن إن المستلزمات التي توجد بالسوق لا تختلف عن باقي الأسواق الحديثة بل إنها بنفس الشكل والمضمون ولكن هنا تكون رخيصة وسعرها مناسب وبالأسواق الحديثة تكون غالية..
ويتحدث أحد المقيمين في المحافظة من الجنسية اليمنية أحمد عبد الله: إنه يبيع في هذا السوق منذ ما يقارب العشر سنوات فحياته مبنية على هذا السوق منذ تلك الفترة ويضيف أحمد انه خلال أيام الأسبوع من الخميس إلى يوم الثلاثاء يقوم بصناعة بعض الأغراض المستخدمة في المنازل مثل الميفا والمغشات والحياسي والجرار وغيرها ويذهب ليبيعها في يوم الأربعاء من كل أسبوع بأسعار مناسبة للجميع وفي متناول اليد ولا تتجاوز العشرين ريالا فلا يعود إلى البيت إلا وقد باع كل ما يملك..
وفي نهاية جولة (الجزيرة) داخل السوق قامت بزيارة لمؤسس سوق أبو عريش الشعبي الذي يدعى يحيى أيوب يقول إن السوق تأسس في عام 1388هـ ويقول العم يحيى إن السوق لم يتغير في مضمونه منذ لك الزمن فبقي محتفظا بكل ما كان يباع في الماضي وأكد بأن إقبال الناس على السوق في هذه الأيام افضل بكثير من الأيام السابقة والأسعار نفس الأسعار سواء في ايجارات المحلات أو في البيع والشراء لم يتغير أي شيء من هذا أبدا منذ تأسيس السوق. ويتحمل يحيى أيوب كل شيء في السوق من نظافة وتوسيع السوق وحراسه وغيرها من الأشياء التي يحتاجها السوق، والإيجارات البسيطة التي يأخذها من المستأجرين تكون للسوق نفسه والاهتمام به وقد ذكر بأن تأسيس هذا السوق على يده مع أبوه رحمه الله.