المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي سيعقد بعد غد الأربعاء في مكة مكرمة هو من الأهمية بمكان، لأسباب عدة، أولا أنه يحظى باهتمام خاص من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي اقترح فكرة حوار الأديان في موسم الحج الماضي لدى استقباله رؤساء بعثات الحج. وهذا الاهتمام من قبل المليك بالحوار العالمي نابع من كون العالم يعج اليوم بأزمات كبيرة نتيجة اهتزاز الثقة بالآخر، والهجموم المتبادل بين متطرفي الحضارات المختلفة، هذا الهجوم الهادف إلى إلغاء الآخر، وتدميره.
ففي العالم الإسلامي متطرفون يصدرون فتاوى مضللة بقتل غير المسلمين، وإعلان الحرب على مجتمعاتهم، انطلاقا من فهم خاطئ للشريعة، وباستغلال للظروف الدولية التي تعاني من توترات وحروب، كما في العراق، وأفغانستان، والصومال، والسودان، وغيرها من بؤر الصراع التي تعتبر مرتعا خصبا للمتطرفين. وفي المقابل يوجد في العالم الغربي متطرفون، وبعضهم يتسنم مناصب عليا في دولهم، يهاجمون الدين الإسلامي الحنيف، ونبي الهدى صلى الله عليه وسلم، كما في الدنمارك وهولندا وفرنسا.
هذه البيئة العالمية المحفوفة بمخاطر المواجهة الحضارية بين المسلمين والآخرين في غرب الأرض وشرقها استدعت الحاجة إلى فتح باب للحوار والتفاهم من أجل تخفيف حدة التوتر، وتصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة، والتعميمات المضللة عن الآخر. ولذلك انبرى الملك عبدالله بحكم خبرته الكبيرة في السياسة الدولية وإدراكه لحاجة العالم إلى حوار دولي مفتوح وجريء.
السبب الثاني لأهمية هذا المؤتمر هو الاهتمام العالمي باقتراح الملك عبدالله، حيث لاقى ترحيباً كبيراً من قبل شخصيات دينية وسياسية وأكاديمية علمية عدة، مما يؤكد حاجة العالم لمثل هذا النوع من الاقتراحات البناءة التي تساعد على جعل العالم أكثر أمنا واستقرار.
كذلك فإن أهمية هذا المؤتمر تنبع من عدد المشاركين الكبير فيه، إذ يبلغ أكثر من خمسمائة شخصية إسلامية على قدر كبير من العلم والخبرة. وهؤلاء المشاركون سيناقشون ثلاثة عشر محوراً حددتها رابطة العالم الإسلامي المنظمة للمؤتمر، وهذه المحاور ستعالج الموضوع من جميع جوانبه عبر دراسات علمية وموثقة تتمتع بالشمولية والعمق. ولذلك فإنه من المتوقع أن يخرج المؤتمر بتوصيات في غاية الأهمية لإنجاح الحوار الديني بين الشعوب.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244