الموت .. نهاية كل حي..
** والموت حق لابد أن نسلم به.. ولكن الموت.. ليس هو نهاية.. بل هناك حياة أخرى.. وبعث ونشور ومحاسبة
** ليس هناك أكبر من أن تسمع خبر موت..
** هو خبر صعب.. حتى لو لم تكن تعرف الشخص.. فبمجرد أن يقال فلان مات.. ينتابك الكثير من الخوف والتأمل والمراجعة.. وتتبدل أحوالك.. فكيف إذا كان هذا الشخص تعرفه من قبل.. أو هو صديق أو قريب أو زميل؟
** أما إذا كان والداً أو ابناً أو أخاً أو زوجاً.. فالخبر هنا.. أوقع وأصعب..
** هو الخبر الذي ينزل بالفعل.. كالصاعقة..
** تلقيت خبر وفاة شقيقي (محمد) رحمه الله.. وكنت ما بين المكذب والمصدق.. وبين من يقول.. إنه في حلم أو علم..
** أتأمل سماعة الهاتف.. وأتأمل ما حولي.. فإذا الخبر حقيقة..
** لا تملك هنا.. سوى التسليم بأمر الله وقضائه وقدره..
** لا تملك.. سوى.. الحمد لله تعالى على ما قدر.. وتدعو للميت بالمغفرة والرحمة ولكل أموات المسلمين..
** هنا.. لابد أن تعود وتتوازن.. فالخبر صعب للغاية.. وخصوصاً إذا كان ينقل لك موت واحد من أقرب الناس لك..
** شقيقي (محمد) كان الأب لنا جميعاً بعد وفاة والدنا رحمه الله..
** كان والداً للعائلة كلها بعد موت عائلها..
** وهنا.. يجب أن نتحدث عن الحياة قبل أربعين سنة وأكثر.. عندما كانت الأمور صعبة للغاية.. وكنا بين صغير ومراهق.. ولكن أخي رحمه الله.. كان والد الجميع.. وكان رغم بساطة وضعف دخوله المادية.. كان كريماً.. وكان لا يبخل بشيء علينا.. ولا على الآخرين..
** وكان شخصيته محبوبة بين جماعته.. وبين جيرانه ومن حوله..
** إذا غاب بحث عنه جماعة المسجد.. وأهل الحي..
** الجميع.. يحترمه.. ويقدره..
** والجميع.. يجله لبساطته وطيبته وكرمه ومعروفه وفزعاته وكل الجوانب المشرقة في حياته رحمه الله..
** وكان يحتفظ بعلاقة قوية مع الجميع..
** معارفه.. أقاربه.. جيرانه.. أهل الحي.. جماعته
** كانت تربطه بالجميع.. وشائج وعلاقات وثيقة للغاية.. قوامها.. الود والمحبة والمعروف.. وكان قريباً من الجميع
** وكان كما يقول العوام بفضل الله عليه (راعي طاعة) كان مكانه معروف في روضة المسجد..
** لا يمكن أن يؤذن إلا وهو في المسجد.. حتى لو كان مريضاً.. كان قلبه معلق بالمساجد
** وبالرغم أنه أكبر أفراد أسرتنا.. إلا أنه.. هو الذي يزور الآخرين.. وهو الأب الذي يتفقدهم..
** يزور الرجل.. والمرأة.. والأرملة.. واليتيم.. ويسأل عن الجميع
** وكان رحمه الله.. لا تثقله (العنوة) كما يقال.. حتى رغم كبر سنه ومرضه الأخير.. فكان يقطع المسافات والمشاوير من أجل أن يسأل عن أحد أو يزور مريضاً.. أو يواسي أحداً..
وكانت الدنيا بكل زخارفها وبريقها لا تهمه ألبتة.. ولم تهمه يوماً.. ولم يتوقف عندها.. ولم يسأل عن أموالها وقصورها وكل ما فيها.. بل كان زاهداً.. عابداً.. لا يسأل إذا جلس.. إلا عن وقت الصلاة.. كم بقي عليه..
** مات (أبو سعد) رحمه الله.. وترك لنا إرثاً كبيراً.. وهي التربية الحسنة.. والسيرة العطرة.. والمعروف.. وكرم الأخلاق والطيبة
** لم أره في يوم من الأيام غاضباً أو متفوهاً بكلام لا يسر..
** ولم أره في يوم من الأيام حتى عابساً أو مكتئباً أو شاعراً بالضيق..
** كما لم أره في يوم من الأيام مبالغاً في مزاح أو ضحك أو منشغلاً بكلام غير جاد..
** كان بالفعل.. قدوة.. وكان حريصاً ومحباً لكل من حوله.. ولهذا.. كان خبر وفاته كالصاعقة.
** لقد سلمنا بقضاء الله وقدره.. ولم نملك مع هذا الخبر.. إلا أن ندعو لوالدينا.. ولنا.. وله.. ولأموات المسلمين.. بالرحمة والغفران.. إنه سميع مجيب.