قبل مغادرة الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة جورج دبليو بوش للبيت الأبيض، بدأت فضائح هذه الإدارة تتكشف وتظهر للعلن مع توقع مزيد من هذه الفضائح التي ستعلن بعد تسلم الإدارة الجديدة وبخاصة إذا جاءت هذه الإدارة من الحزب الديمقراطي الذي ينافس مرشحه أوباما المرشحة الأخرى هيلاري كلينتون، وكلاهما لن يترددا في حالة وصولهما إلى البيت الأبيض في كشف كل فضائح بوش وإدارته.
الصحافة الأمريكية سبقت وصول رئيس ديمقراطي للبيت الأبيض وبدأت في الكشف عن بعض من فضائح بوش حيث نشرت صحيفة نيويورك تايمز افتتاحية عنونتها بعنوان مثير حمل اسم (جلسات التعذيب)، وتضمنت الافتتاحية أساليب وأنواع تعذيب الجنود وضباط المخابرات للسجناء من العرب والمسلمين في حملة ما يسمى بمواجهة الإرهاب.
ومع أن أنباء تعذيب السجناء في السجون الأمريكية سواء في العراق وأفغانستان والسجون التي أقامتها المخابرات الأمريكية في دول أخرى، قد عرفت في وقتها ومنها فضيحة سجن أبو غريب، إلا أن السؤال الذي ظل معلقاً هو: ما مدى علم ومعرفة المسؤولين الكبار بعمليات التعذيب، والمقصود بالكبار هم المقيمون في البيت الأبيض، الرئيس ونائبه وكبار وزرائه.
هذا التساؤل أجابت عنه افتتاحية صحيفة نيويورك تايمز، حيث تؤكد بأن المسؤولين الأمريكيين وافقوا على أساليب التعامل مع السجناء، وأنهم قاموا بوضع طرق انتزاع المعلومات من المعتقلين بطرق قاسية، وذلك بعد تمكنهم من الحصول على إجراء قانوني بالطلب من وزارة العدل أن تسن قانوناً يحمي سرية شخصية من ينفذون أوامر كبار المسؤولين.
الفضيحة الكبرى للبيت الأبيض هو ما تكشفه نيويورك تايمز من أن ديك تشيني نائب الرئيس ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق، وكوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي وقتها وحتى وزير الخارجية السابق كولين باول، وجون أشكروفت المدعي العام وجورج تينيت مدير الاستخبارات المركزية قد شاركوا جميعاً في وضع سياسات الاستجواب، وأن مستشاري الأمن القومي قد وجهوا باعتماد تلك السياسات التي اعتبروها الإستراتيجية والطريقة الأفضل والأنجع لمرحلة ما بعد غزو العراق ومواجهة طالبان والقاعدة ومطاردة ابن لادن، وعدوا أساليب امتهان وحتى تعذيب السجناء لانتزاع المعلومات نوعاً من أساليب مواجهة الإرهاب..!!
وقد منحت تلك الأساليب الغطاء القانوني حتى لا تتم ملاحقة هؤلاء المسؤولين الكبار، رغم بشاعة وقذارة الأساليب التي استعملت مع المعتقلين والسجناء التي تعتبرها الدول تعذيباً محرماً قانونياً وإنسانياً ومع هذا كان الرئيس بوش وإدارته يعلمون به ويوافقون عليه.
jaser@al-jazirah.com.sa