Al Jazirah NewsPaper Friday  30/05/2008 G Issue 13028
الجمعة 25 جمادى الأول 1429   العدد  13028
هل يتخطى الحصان الأسودأسوار البيت الأبيض!
عبدالإله بن سعود السعدون*

الشعب الأمريكي يهوى الصرعات والموضات الغربية فمن أفكاره الخيالية المترجمة لأفلام هوليود غير الواقعية إلى صرعات الهيلالوب والأكلات السريعة وأشكال الرقص الغريب لعروض ألفيس بريسلي ومايكل جاكسون!

وبهذا الهوى وحب التغيير المسيطر الأساسي والموجه لاختيار المرشح الجديد للرئاسة الأمريكية منذ اختيار الرئيس الراحل جون كينيدي عام 1961م لشخصيته الجديدة على الساحة السياسية الأمريكية والرغبة في التغيير لقادة الصف القديم وتقديم الوجوه الشابة وكان انتخاب كينيدي وهو الجديد على المعترك السياسي مثالا مؤكدا لرغبة التغيير والتجديد. وعندما رشح رونالد ريجان - وهو من أشهر ممثلي هوليود- نفسه للانتخابات الرئاسية لم يتوقع أكثر المراقبون السياسيون في أمريكا فوزه لعدم معرفته التامة بالسياسة والعلاقات الدولية وكانت آنذاك في أشدها توترا لارتفاع سخونة الحرب الباردة مع المعسكر الشرقي بزعامة الاتحاد السوفييتي وارتفاع ترمومتر حرارة الوضع المتأزم في الشرق الأوسط لاجتياح إسرائيل للبنان وتفجير ثورة الحجارة في فلسطين ومخلفات التأزم في العلاقات الثنائية الإيرانية الأمريكية إثر اعتداء المتظاهرين الإيرانيين على مبنى السفارة الأمريكية وتخريب محتوياتها في عهد رئاسة جيمي كارتر ومع انتخابات الرئاسة الأمريكية الحالية (2008) برزت مفارقات جديدة ومميزة في الجانبين المتنافسين الجمهوري والديموقراطي. فالحزب الجمهوري حسم بصورة منظمة وكلاسيكية حملة اختيار مرشح الحزب جون ماكين أما الحملة الانتخابية الديموقراطية فشهدت تنافسا شديدا بين هيلاري كلينتون ويمنحها قوة الاستمرار دعم زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون وفي الطرف الآخر سيناتور شاب في العقد الرابع من عمره كل شيء في شخصيته جديد ومختلف عن التقليد السياسي الأمريكي فالسيناتور باراك حسين أوباما الذي ولد في جزيرة هاواي من أب كيني مسلم وأم بيضاء أمريكية من ولاية كينساس وعاش فترة ليست بالطويلة في جاكرتا إثر زواج والدته من مهندس بترول إندونيسي وولدت أخته الوحيدة غير الشقيقة (مايا) ودرس المبادئ الإسلامية لمدة سنتين في صباه وعند عودته للولايات المتحدة التحق بمدرسة مسيحية خاصة بكنيسة المسيح المتحدة. ويمثل ولاية إلينوي وهو الوحيد الأسود من أصول إفريقية في مجلس الشيوخ ومن أصغر أعضائه.

وترجح أكثر الاطلاعات والإحصاءات التي تديرها دور الأبحاث الانتخابية بانتصاره على المرشحة هيلاري كلينتون.

ومع الأخذ بالاعتبار الخيار الصعب أمام مندوبي الحزب الديمقراطي للمفاضلة الخطرة بين إمكانية دخول أول سيدة أمريكية للبيت الأبيض وارتفاع نسب الخطورة مع مرشح أسود ليتربع على كرسي الرئاسة الأمريكية ويشغل المكتب البيضاوي!

وقد تؤثر ذكريات فشل السيناتور جيسي جاكسون على إمكانية وصول أوباما لبوابة البيت الأبيض رئيسا منتخبا من الشعب الأمريكي وقد تساعد وسائل الإعلام المختلفة في دفع الناخب الأمريكي نحو تفضيل الشخصية الكاريزمية المميزة له وعلو طموحه السياسي إلا أن منافسه الجمهوري ماكين ليس سهلا بل هو امتداد حقيقي لاستراتيجية الحزب الجمهوري منذ صعود بوش الأب سدة الرئاسة حتى تركيزها في عهد بوش الابن والبحث عن الحل لتورط الإدارة الأمريكية في مستنقع أفغانستان والعراق!

وحظوظ أوباما في الفوز لم تكن مستحيلة بل صعبة!

وقد تكون ثقافة أوباما العالية تساعده وبسهولة في تحديد استراتيجية جديدة في مجال السياسة الخارجية والعلاقات الدولية التي سادها الشيء الكثير في التوتر في عهد الرئيس الحالي بوش الابن وبالذات في المنطقة القلقة من الشرق الأوسط.

علاوة على ملفات ساخنة ومعلقة تنتظر القرار الأعلى والحاسم من الرئيس الأمريكي الجديد وعلى رأسها وأكثرها تضخما قرار انسحاب القوات الأمريكية من العراق وتنظيم وجود قوات الناتو في أفغانستان والملف الملغم الإيراني النووي والعلاقات الكورية الجنوبية الشمالية ومصير المفاعلات النووية الكورية وتصدير القوة النووية للشرق الملتهب! علاوة على الوضع الاقتصادي الأمريكي المتدهور والذي ينتظر العديد من السياسات الاقتصادية الجريئة لإنعاشه وتنظيم الرعاية الاجتماعية لآلاف الفقراء والعاطلين عن العمل ومواجهة العديد من مشكلات المجتمع الأمريكي وتحقيق حلم الرفاهية الشامل للشعب الأمريكي.

إن قدرة أوباما الخطابية ووصوله السريع لفكر الناخب الأمريكي ناتج عن تحصيله العلمي العالي حيث تخرج من كلية الحقوق بجامعة هارفارد وتعيش أسرته الثرية في مدينة شيكاغو بقصر تاريخي كبير تقدر قيمته بمليوني دولار وقد يكون حديثا في المعترك السياسي إذ كان عام 1996م مولد حياته الانتخابية في مجلس شيوخ ولاية إلينوي. والأمة العربية لا تنتظر أي تقدير عادل لقضيتها المصيرية لأرض فلسطين فكل الرؤساء الأمريكان ومؤسساتهم السياسية تخضع لسلطة اللوبي الصهيوني وقد سارع أوباما لتأكيد تأييده لحق إسرائيل في الحياة في مدونة باللغة العبرية في إطار حملته الانتخابية.

قد يكون فوز أوباما بالرئاسة الأمريكية اختباراً عملياً لمصداقية الديموقراطية الغربية.

* محلل إعلامي - عضو هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد